للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولم يختلفوا في المتصل بـ "حدثنا"، فأتى مسلم - رَحِمَهُ اللهُ - بالروايتين كما سُمِعَتَا؛ لِيُعْرَف المتفق عليه من المختلف فيه، وليكون راويًا باللفظ الذي سمعه، ولهذا نظائر في مسلم ستراها مع التنبيه عليها - إن شاء الله تعالى - وإن كان هذا ظاهرًا لمن له أدنى اعتناء بهذا الفن، إلَّا أني أُنَبِّه عليه لغيرهم، ولبعضهم ممن قد يَغْفُلُ، وكلهم من جهة أخرى، وهو أن يُسقِطُ عنهم النظرَ، وتحريرَ العبارة عن المقصود.

وهنا أيضًا مقصود آخر، وهو أن في رواية وكيع قال: "عن عبد الله بن بريدة"، وفي رواية معاذ قال: "عن ابن بريدة"، فلو أتى بأحد اللفظين حَصَل خللٌ، فإنه إن قال: "ابن بريدة" لم نَدْرِ ما اسمه؟ وهل هو عبد الله هذا أو أخوه سليمان بن بريدة وإن قال: "عبد الله بن بريدة" كان كاذبًا على معاذ، فإنه ليس في روايته "عبد الله"، والله أعلم.

وأما قوله في الرواية الأولى: "عن يحيى بن يعمر" فلا يظهر لذكره أوّلًا فائدة، وعادة مسلم وغيره في مثل هذا أن لا يذكروا "يحيى بن يعمر"؛ لأن الطريقين اجتمعتا في "ابن بريدة"، ولفظهما عنه بصيغة واحدة.

قال النووي: إلَّا أني رأيت في بعض النسخ في الطريق الأولى: "عن يحيى"، فحسبُ، وليس فيها "ابن يعمر"، فإن صحّ هذا فهو مزيل للإنكار الذي ذكرناه، فإنه يكون فيه فائدةٌ، كما قرّرناه في "ابن بريدة". انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

١١ - (ومنها): قوله: "حدثنا عبيدُ الله بن معاذ، وهذا حديثه"، فهذه عادة لمسلم - رَحِمَهُ اللهُ -، قد أكثر منها، وقد استعملها غيره قليلًا، وهي مُصَرِّحةٌ بما سبق من بيان شدَّة تحرِّي مسلم - رَحِمَهُ اللهُ -، وورعه، واحتياطه، ومقصودُهُ أن الراويين اتفقا في المعنى، واختلفا في بعض الألفاظ، وهذا الذي أورده هنا هو لفظ عبيد الله عن أبيه، وأما أبو خيثمة عن وكيع، فقد رواه بمعناه. والله تعالى أعلم.

١٢ - (ومنها): كتابة: (ح) بعد يحيى بن يعمر في الرواية الأولي، فهي حاء التحويل، من إسناد إلى إسناد آخر، فيقرؤها القارئ إذا انتهى إليها كما كُتبت، فيقول: " (ح) قال: وحدثنا عبيد الله بن معاذ .. " إلخ، وهذا هو