للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إطلاق الكلّ، وإرادة الجزء (بَيْنَ رُكْبَتَيَّ) بالتثنية أيضًا، والمراد أنه طبّق بين كفّيه، فجعلهما بين ركبتيه، كما فسّرته الرواية الآتية: "فلَمّا ركعت شبّكت أصابعي، وجعلتهما بين ركبتيَّ"، وفي رواية البخاريّ: "فطبّقتُ بين كفّيَّ، ثم وضعتهما بين فخذيّ"، وفي رواية الدارميّ من طريق إسرائيل، عن أبي يعفور: "كان بنو عبد اللَّه بن مسعود إذا ركعوا جعلوا أيديهم بين أفخاذهم، فصلّيتُ إلى جنب أبي، فضرب يدي. . . " الحديث، فأفادت هذه الرواية مُستند مصعب في فعل ذلك، وأولاد ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أخذوه عن أبيهم (١).

(فَقَالَ لِي أَبِي: اضْرِبْ بِكَفَّيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ) أي اجعل كفّيك على ركبتيك (قَالَ) مصعبٌ (ثُمَّ فَعَلْتُ ذَلِكَ) يعني ما ذكره من تطبيق اليدين، وجعلهما بين الركبتين (مَرَّةً أُخْرَى) ظرف متعلّق بـ "فعلتُ" (فَضَرَبَ يَدَيَّ) يعني أن أباه ضرب يديه تأديبًا (وَقَالَ: إِنَّا نُهِينَا عَنْ هَذَا) أي عن التطبيق، والفعل مبنيّ للمجهول، وقوله: (وَأُمِرْنَا أَنْ نَضْرِبَ بِالْأَكفِّ عَلَى الرُّكَبِ) أي نضع أكفّنا على رُكَبنا.

و"الأكُفُّ" -بفتح الهمزة، وضمّ الكاف، وتشديد الفاء-: جمع كفّ، كأفلُس جمع فَلْس، ويُجمع أيضًا على كُفُوف، كالفلُوس، قال الأزهريّ: الكفّ: الراحة مع الأصابع، سُمّيت بذلك؛ لأنها تكفّ الأذى عن البدن. انتهى. وهي مؤنّثة على المشهور، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفى.

و"الرُّكَب" -بضمّ، ففتح- جمع رُكبة، كغُرفة وغُرَف، قال في "القاموس": "الركبة" بالضمّ: موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق، أو موضع الْوَظِيف والذراع، أو مَرْفِق الذراع من كلّ شيء. انتهى باختصار (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ٢/ ٥٢٧.
(٢) "القاموس المحيط" ١/ ٧٦.