وغيره ممن أنكره لم يأمر مَن فعله بالإعادة. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن هذا الاعتراض غير صحيح؛ لأن ابن خزيمة -رَحِمَهُ اللَّهُ- احتجّ بظاهر النهي المرفوع، فكيف يُعترض بالموقوف على المرفوع، فهل رأي الصحابيّ المخالف للنّصّ يعارَض به النصّ؟، ولا سيّما وقد خالفه الصحابة الآخرون، كعمر بن الخطّاب، وسعد، وعائشة -رضي اللَّه عنهم-، هذا من الغرائب.
والحاصل أن ما قاله ابن خزيمة -رَحِمَهُ اللَّهُ- من أن التطبيق غير جائز، وأن وضع اليدين على الركبتين في الركوع واجب هو الحقّ، وقد سبق أنه مذهب جماعة من السلف، كالإمام أحمد، وأبي خيثمة، والجوزجانيّ، وغيرهم، فالنصّ الذي عمل به هؤلاء الأئمة من الصحابة، فمن بعدهم هو الحقّ الذي لا مرية فيه، فتأمّل بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[فائدة]: حَكَى ابن بطال عن الطحاويّ، وأقره أن طريق النظر يقتضي أن تفريق اليدين أولى من تطبيقهما؛ لأن السنة جاءت بالتجافي في الركوع والسجود، وبالمراوحة بين القدمين، قال: فلما اتفقوا على أولوية تفريقهما في هذا، واختلفوا في الأول اقتضى النظر أن يُلْحَق ما اختلفوا فيه بما اتفقوا عليه، قال: فثبت انتفاء التطبيق، ووجوب وضع اليدين على الركبتين. انتهى كلامه.
وتَعَقَّبه الزين ابن الْمُنَيِّر بأن الذي ذكره مُعارَض بالمواضع التي سُنّ فيها الضمّ، كوضع اليمنى على اليسرى في حال القيام، قال: وإذا ثبت مشروعية الضمّ في بعض مقاصد الصلاة، بطل ما اعتمده من القياس المذكور.
نعم لو قال: إن الذي ذكره ما يقتضي مَزِيّة التفريج على التطبيق، لكان له وجه.
قال الحافظ: وقد وردت الحكمة في إثبات التفريج على التطبيق، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، أورد سيف في "الفتوح" من رواية مسروق أنه سألها عن ذلك؟ فأجابت بما مُحَصَّلُهُ أن التطبيق من صنيع اليهود، وأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى عنه لذلك، وكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُنْزَل عليه، ثم أُمِر