للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونَقَل إسحاق بن منصور عن أحمد أنه سُئل عن قول سفيان: من صلّى بالتطبيق يُجزئه؟ فقال أحمد: أرجو أن يُجزئه، فقال إسحاق ابن راهويه كما قال: إذا كان به علّةٌ.

وحَمَل أبو حفص الْبَرْمكيّ من أصحابنا -يعني الحنبليّة- قول أحمد على ما إذا كان به علّة، فإن لم تكن به علّة فلا تُجزئه صلاته إلا أن لا يعلم بالنهي عنه.

وتوقّف أحمد في إعادة الصلاة مع التطبيق في رواية أخرى.

فعلى قول هؤلاء يكون وضع اليدين على الركبتين في الركوع من واجبات الصلاة.

وقد رُوي عن طائفة من السلف ما يدلّ على ذلك، فإنه رُوي عن جماعة أنهم قالوا: إذا وضع يديه على ركبتيه أجزأه في الركوع، وممن رُوي عنه ذلك: سعد بن أبي وقّاص، وابن مسعود، وابن سيرين، ومجاهد، وعطاء، وقال: هو أدنى ما يُجزئ في الركوع. انتهى كلام ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال الإمام ابن خزيمة في "صحيحه": "باب ذكر البيان أن التطبيق غير جائز، بعد أمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بوضع اليدين على الركبتين، وأن التطبيق مَنْهِيٌّ عنه، لا أن هذا من فعل المباح، فيجوز التطبيق، ووضع اليدين على الركبتين جميعًا، كما ذكرنا أخبار النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في القراءة في الصلوات، واختلافهم في السور التي كان يقرأ فيها -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة، وكاختلافهم في عدد غسل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أعضاء الوضوء، وكلُّ ذلك مباح، فأما التطبيق فىِ الركوع فمنسوخ منهيٌّ عنه، والسنة وضع اليدين على الركبتين". انتهى كلام ابن خزيمة -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وتعقّبه في "الفتح"، فقال: وفيه نظر؛ لاحتمال حمل النهي على الكراهة، فقد رَوَى ابن أبي شيبة من طريق عاصم بن ضَمْرة عن عليّ -رضي اللَّه عنه- قال: "إذا ركعت فإن شئت قلت هكذا، -يعني وضعت يديك على ركبتيك- وإن شئت طَبَّقت"، وإسناده حسن، وهو ظاهر في أنه كان يرى التخيير، فإما أنه لم يبلغه النهي، وإما حمله على كراهة التنزيه، ويدلّ على أنه ليس بحرام كون عمر


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٧/ ١٥٦ - ١٥٨.
(٢) "صحيح ابن خزيمة" ١/ ٣٠١ - ٣٠٢.