للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالأرض، وتوسّد ساقيه قيل: فرطش، كذا وقع، وصوابه فرشط، بالفاء، وتقديم الشين المعجمة، والطاء المهملة، وقد ذكره أبو عبيد في "المصنَّف"، قال القاضي عياض: والأشبه عندي في تأويل الإقعاء الذي قال فيه ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-: إنه من السنّة، الذي فسّره به الفقهاء من وضع الأليتين على العقبين بين السجدتين، وكذا جاء مفسَّرًا عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-: "من السّنّة أن تُمِسّ عقبيك أليتيك"، وقد روي عن جماعة من السلف والصحابة أنهم كانوا يفعلونه. انتهى (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (اعلم): أن الإقعاء ورد فيه حديثان، ففي هذا الحديث إنه سنةٌ، وفي حديث آخر النهي عنه، رواه الترمذيّ وغيره، من رواية عليّ -رضي اللَّه عنه-، وابن ماجه من رواية أنس -رضي اللَّه عنه-، وأحمد بن حنبل من رواية سمرة وأبي هريرة -رضي اللَّه عنهما-، والبيهقيّ من رواية سمرة وأنس -رضي اللَّه عنهما-، وأسانيدها كلّها ضعيفة.

وقد اختَلَف العلماء في حكم الإقعاء، وفي تفسيره اختلافًا كثيرًا لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا مَعْدِلَ عنه أن الاقعاء نوعان:

[أحدهما]: أن يُلْصِق أَلْيتيه (٢) بالأرض، ويَنصِب ساقيه، ويَضَع يديه على الأرض، كإقعاء الكلب، هكذا فسَّره أبو عبيدة، معمر بن المثنَّى، وصاحبه أبو عبيد، القاسم بن سَلَّام، وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي.

[والنوع الثاني]: أن يَجْعَل أَلْيَتَيْهِ على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- بقوله: "سنة نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-"، وقد نَصَّ الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "البويطيّ"، و"الإملاء" على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحَمَل حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عليه جماعات من المحققين، منهم البيهقيّ، والقاضي عياض، وآخرون -رحمهم اللَّه تعالى-.


(١) "المفهم" ٢/ ١٣٦.
(٢) "الأَلْيَةُ": أَلْيَة الشاة، قال ابن السِّكِّيت وجماعة: لا تُكسَر الهمزة، ولا يقال: لِيَّةٌ، والجمعُ أَلَيَات، مثلُ سَجْدَة وسَجَدَات، والتثنية: أَلْيان بحذف الهاء على غير قياس، وبإثباتها في لغة على القياس. انتهى. "المصباح" ١/ ٢٠.