قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تحصّل مما سبق أن ضبط "الرجُل" بضم الجيم بمعنى الإنسان هو الصواب؛ لأنه أوفق بمعنى الجفاء، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- ردًّا على توهّمهم كونها من جفاء الشخص (بَلْ هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي فلا جفاء فيها، بل هي قربة إلى اللَّه تعالى؛ لأن من فعل بالسنة؛ اتّباعًا له -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد اهتدى، وأفلح، قال تعالى:{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ١٥٧]، وقال -عزَّ وجلَّ-: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف: ١٥٨]، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا من أفراد المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ١٢٠٣](٥٣٦)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٨٤٥)، و (الترمذيّ) فيها (٢٨٣)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٣١٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٨٩٢ و ١٨٩٣)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١١٨٢)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في معنى الإقعاء:
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال أبو عُبيد: الإقعاء: هو أن يُلْصِقَ الرجل أَلْيَتَيه بالأرض، ويَنصِب ساقيه، ويضع يديه بالأرض، كما يفعل الكلب، قال: وفي تفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين نظر.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا نظر فيه؛ إذ هو تفسير ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، حبر الأمة وبحرها، فتبصّر.
قال: وقال ابن شُميل: الإقعاء: أن يَجلس على وَرِكَيه، وهو الاحتفاز والاستيفاز، وحُكي عن الثعالبيّ أنه قال في أشكال الجلوس عن الأئمة: إن الإنسان إذا ألصق عقبيه بأليتيه، قيل: إقعاءٌ، وإذا استوفز في جلوسه كأنه يريد أن يثور للقيام قيل: احتفز، واقعنفز، وقعد الْقُعْفُزاء، فإذا ألصق أليتيه