للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَرْحَلُهُ رَحْلًا: إذا شدَدْتَ على ظهره رَحْلًا، و"الْقَتَبُ" بالتحريك: رحلٌ صغيرٌ على قدر السَّنَام، انتهى (١).

وقال في "الفتح": "الرَّحْلُ" بإسكان الحاء المهملة، أكثر ما يُستَعمَلُ للبعير، لكن معاذٌ كان في تلك الحالة رديفه - صلى الله عليه وسلم - على حمار، كما بُيّن في رواية البخاريّ في "الجهاد".

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("يَا مُعَاذُ") منادى مفرد علم، مبنيّ على الضمّ (قَالَ) معاذ - رضي الله عنه - (لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ) منادى بحذف حرف النداء جوازًا، كما قال الحريريّ في "مُلحته":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"

(وَسَعْدَيْكَ) "اللَّبّ" - بفتح اللام - معناه هنا: الإجابة، و"السَّعْد": المساعدة، وكأنه قال: لَبًّا لك، وإسعادًا لك، ولكنهما ثُنِّيا على معنى التأكيد والتكثير، أي إجابة بعد إجابة، وإسعادًا بعد إسعاد، وقد تقدّم تمام البحث فيهما قريبًا (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: "يَا مُعَاذُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ الله، وَسَعْدَيْكَ) كرّر النداء والإجابة ثلاثًا؛ للتأكيد، فقد صحّ أنه - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا تكلّم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفهم عنه" (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَا مِنْ عَبْدٍ) كلمة "ما" للنفي، وكلمة "مِنْ" زائدة للتأكيد، كما قال في "الخلاصة":

وَزِيدَ فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ … نَكِرَةً كَـ "مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرّ"

وقوله: "عَبد" مجرور اللفظ بـ "من"، مرفوع المحلّ على الإبتداء، ولفظ البخاريّ: "ما من أحد"، وجملة (يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) صفة لـ "عبد" (إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ" قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: هكذا وقع هذا الحديث في كتاب مسلم عن جميع رواته فيما علمته، وقد زاد البخاريّ فيه: "صدقًا من قلبه"، وهي زيادة حسنة تنصّ على صحّة ما تضمّنته الترجمة المتقدّمة، وعلى فساد مذهب المرجئة، كما قدّمناه، ومعنى صدق القلب تصديقه الجازم بحيث لا يخطُرُ له نقيضُ ما صدّق به، وذلك إما


(١) راجع: "عمدة القاري" ١/ ٢٠٦.