للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"قال: حدّثني معيقيبٌ"، وفي رواية الترمذيّ من طريق الأوزاعيّ، عن يحيى: حدّثني أبو سلمة"، فوقع التصريح بالتحديث من كلّ من يحيى، وأبي سلمة (قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْمَسْحَ فِي الْمَسْجِدِ، يَعْنِي الْحَصَى) أي يقصد بقوله: "ذَكَر المسح" أي مسح الحصى في المسجد، والعناية من بعض الرواة، ولم يتبيّن من هو؟، وفي رواية يحيى بن سعيد التالية: "أنهم سألوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المسح في الصلاة وفي رواية شيبان: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في الرجل يُسوّي التراب حيث يسجد" (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("إِنْ) بكسر الهمزة شرطيّة (كُنْتَ لَا بُدَّ) "لا" نافيةٌ للجنس، و"بُدّ" بضمّ الباء، وتشديد الدال اسمها في محلّ نصب مبنيّ على الفتح؛ لتركّبه معها تركيب خمسة عشر.

قال في "اللسان": "ولا بُدّ منه": أي لا مَحالةَ، وليس لهذا الأمر بُدّ، أي لا مَحالةَ، و"البُدّ": الفراق، تقول: لا بدّ اليوم من قضاء حاجتي، أي لا فِراق منه. انتهى (١).

والجملة معترضة بين "كان" وخبرها.

(فَاعِلًا) أي مسوّيًا للتراب، ولفظ الفعل أعمّ الأفعال، ولهذا جاء لفظ {فَاعِلُونَ} في موضع مؤدّون، في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (٤)} [المؤمنون: ٤] (فَوَاحِدَةً") الفاء رابطة لجواب الشرط، و"واحدةً" منصوب على إضمار ناصب، تقديره: فامسح واحدة، ويجوز أن تكون منصوبة على أنها صفة لمصدر محذوف، والتقدير: إن كنت فاعلًا فافعل فَعْلَةً واحدةً، يعني مرّةً واحدة، وكذا هو في رواية الترمذيّ: "إن كنت فاعلًا فمرّةً واحدةً"، ويجوز رفعها على الابتداء، وخبرها محذوف، أي ففَعلةٌ واحدة تكفي، ويجوز أن تكون خبرًا لمحذوف، أي المشروع فَعْلةٌ واحدة، أفاده في "العمدة" (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن كنت لا بُدّ فاعلًا فواحدةً": معناه: لا تفعل، وإن فعلتَ فافعل واحدةً لا تزد، قال: واتَّفق العلماء على كراهة المسح؛ لأنه ينافي التواضع، ولأنه يَشْغَل المصلي، قال القاضي: وكره السلف


(١) "لسان العرب" ٣/ ٨١.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٧/ ٤١٥.