يوم القيامة، وهي في وجهه"، ولأبي داود، وابن حبان، واللفظ لأبي داود من حديث السائب بن خلاد -رضي اللَّه عنه-: "أن رجلًا أمَّ قومًا، فبصق في القبلة، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينظر، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين فرغ:"لا يصلي لكم" فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم، فمنعوه وأخبروه بقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال:"نعم"، وحسبت أنه قال:"إنك آذيت اللَّه ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-"(١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): ذكر ابن عبد البرّ -رضي اللَّه عنه- في "التمهيد" عند هذا الحديث إجماع العلماء على أن العمل القليل في الصلاة لا يضرها.
قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فما أدري هل أراد بالعمل القليل نفس البصاق، أو أراد ما ورد في حديث آخر من كونه يبصق في ثوبه، أو أراد أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حكّه من القبلة، وهو في الصلاة؟ وهو الظاهر، فقد روى البخاريّ من رواية الليث، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال:"رأى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نخامة في قبلة المسجد، وهو يصلي، فحتها، ثم قال حين انصرف. . . " الحديث.
وفي بعض طرقه أنه كان لِخطب، كما رواه أبو داود بإسناد صحيح من رواية أيوب، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: "بينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب يومًا إذ رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيّظ على الناس، ثم حكها، قال: وأحسبه قال: فدعا بزعفران، فلطخه به". انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفت الأحاديث في البصاق الذي وجده النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في القبلة، هل كان ذلك في مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو في مسجدآخر؟.
فقيل: إنه كان في مسجد الأنصار، بدليل ما رواه مسلم، وأبو داود من رواية عبادة بن الوليد، قال: أتينا جابرًا، وهو في مسجده، فقال: أتانا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجدنا هذا، وفي يده عُرجون ابن طاب، فنظر، فرأى في قبلة المسجد نخامة، فأقبل عليها، فحتها بالعرجون. . . " الحديث. لفظ أبي داود.
(١) حديث حسن، راجع: "صحيح أبي داود" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ١/ ٩٥.