(فَحَكَّهَا) أي قَشَرَ تلك النخامة (بِحَصَاةٍ) هي واحدة الحصى، وهي صغار الحجارة.
[فإن قيل]: ظاهر هذا الحديث كحديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- الماضي يدلّ على أن الذي تولى إزالتها هو النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنفسه، ورواية أنس عند النسائيّ بلفظ:"فقامت امرأة من الأنصار، فحكّتها، وجعلت مكانها خَلُوقًا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أحسن هذا! " يدلّ على أن الذي باشر ذلك امرأة من الأنصار، فكيف التوفيق بينهما؟.
[أجيب]: بحمل الاختلاف على تعدد الواقعة، واللَّه تعالى أعلم.
(ثُمَّ نَهَى) بالبناء للفاعل، أي منع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ) وعلة النهي عنه كونه محل ملَك، فعند أبي داود من طريق ابن عجلان، وصححه الحاكم على شرط مسلم: أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُحِبّ العَرَاجين، ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد، فرأى نُخامة في قبلة المسجد، فحَكّها، ثم أقبل على الناس مُغْضَبًا، فقال: "أَيَسُرُّ أحدكم أن يُبصَقَ في وجهه؟، إن أحدكم إذا استقبل القبلة، فإنما يستقبل ربه عزَّ وجلَّ، والملك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه، ولا في قبلته، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه، فإن عجل به أمر فليقل هكذا"، ووصف لنا ابن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه، ثم يرد بعضه على بعض.
(أَوْ أَمَامَهُ) وعلة النهي هو قوله في حديث أبى داود المذكور: "فإنما يستقبل ربّه عزَّ وجلَّ"، وفي حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- الماضي: "فإن اللَّه قبل وجهه" (وَلَكِنْ يَبْزُقُ) وفي نسخة: "لِيَبْزُق"، وهو بضمّ الزاي، يقال: بزق يَبْزُق من باب نصر بُزَاقًا: بَصَقَ، وهو إبدال منه (عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى) ووقع عند البخاريّ في رواية أبي الوقت: "وتحت قدمه"، بالواو، وفي حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي للمصنّف من طريق أبي رافع، عنه: "ولكن عن يساره تحت قدمه" بحذف "أو"، وفي حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "ولكن عن شماله تحت قدمه".
قال في "الفتح": والروايات التي فيها "أو" أعم؛ لكونها تَشْمَل ما تحت القدم، وغير ذلك. انتهى.
وقال صاحب "المفهم": وظاهر "أو" الإباحة، أو التخيير ففي أيهما بصق