للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليس المراد أنَّها شَغَلته بالفعل؛ ففي رواية البخاري: "كنت انظر إلى عَلَمِها، وأنا في الصلاة، فأخاف أن تفتنني"، وفي رواية مالك في "الموطأ": "فإني نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يفتنني".

فإطلاق رواية الباب للمبالغة في القرب، لا لتحقق وقوع الشَّغْل، وعلى تقدير وقوعه له -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليس فيه نقص في حقّه؛ لأنه بشر يؤثِّر فيه ما يؤثِّر في البشر من الأمور التي لا تُؤَدِّي إلى نقص في مرتبته الشريفة -صلى اللَّه عليه وسلم-، أفاده في "المنهل".

وقال الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أثبت في هذه الرواية -يعني رواية الشيخين- إِلْهَاءَ الخميصة له بقوله: "فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي"، وقال في رواية مالك: "نظرت إلى علمها في الصلاة، فكاد يفتنني"، قال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليل على أن الفتنة لَمْ تقع، قال: والفتنة هنا الشُّغْل عن خشوع الصلاة. انتهى.

فيَحْتَمِل أن يقال: الفتنة فوق الإلهاء، فلهذا أثبته، ولم يُثْبِت الفتنة، ويَحْتَمِل أن يقال: هما واحد، ويكون قوله: "ألهتني" أي كادت، وقاربت، كما يقول المؤذن في الإقامة: "قد قامت الصلاة" أي قد قرب إقامتها، واللَّه تعالى أعلم.

وقال السندي في "شرح النسائيّ": قوله: "شغلتني أعلام هذه" هذا مَبْنِيّ على أن القلب قد بلغ من الصفاء عن الأغيار الغايةَ حتى يظهر فيه أدنى شيء، يظهر لك ذلك إذا نظرت إلى ثوب بلغ في البياض الغاية، وإلى ما دون ذلك، فيظهر في الأول من أثر الوسخ ما لا يظهر في الثاني، واللَّه تعالى أعلم. انتهى.

(فَاذْهَبُوا بِهَا) أي بهذه الخميصة (إِلَى أَبِي جَهْمٍ) -بفتح الجيم، وسكون الهاء- ابن حُذيفة بن غانم بن عامر بن عبد اللَّه بن عَبيد بن عُويج بن عديّ بن كعب القرشي العدويّ، قال البخاريّ وجماعة: اسمه عامر، وقيل: اسمه عبيد -بالضم- قاله الزبير بن بكار، وابن سعد، وقالا: إنه من مسلمة الفتح. وقال البغويّ، عن مصعب: كان من مُعَمّري قريش، ومن مشيختهم.

وحَكَى ابن منده أن أبا عاصم فرَّق بين أبي جهم بن حذيفة، وعُبيد بن