للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَفْرُغ منه"، وكان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتها حتى يَفْرُغ منه، وإنه لَيَسْمَعُ قراءة الإمام. انتهى (١).

ويؤيِّد ما قاله العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من أن المراد بحضوره: وَضْعُهُ بين يدي الآكل، حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، عند البخاريّ بلفظ: "إذا قُدِّم العشاء ولمسلم: "إذا قُرِّب العشاء"، وعلى هذا، فلا يناط الحكم بما إذا حضر العشاء، لكنه لم يُقَرَّب للآكل، كما لو لَمْ يقرَّب، أفاده في "الفتح" (٢).

(وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الألف واللام في "الصلاة" لا ينبغي أن تُحْمَل على الاستغراق، ولا على تعريف الماهية، بل ينبغي أن تحمل على المغرب؛ لقوله: "فابدءوا بالعَشَاء"، ويترجح حمله على المغرب، لقوله في الرواية الأخرى: "فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب"، والحديث يفسر بعضه بعضًا، وفي رواية صحيحة: "إذا أقيمت الصلاة، وأحدكم صائم، فليبدأ بالعَشَاء قبل صلاة المغرب،. . . ولا تُعْجَلُوا عن عشائكم"، رواه ابن حبان. انتهى.

وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأنت خبير بأن التنصيص على المغرب لا يقتضي تخصيص عموم الصلاة؛ لما تقرر في الأصول من أن مُوَافِقَ العامّ لا يُخَصَّص به، فلا يصلح جعله قرينة لحمل اللام على ما لا عموم فيه، ولو سُلِّم عدنم العموم، لم يُسَلَّم عدم الإطلاق، وقد تقرر أيضًا في الأصول أن مُوَافِق المطلق لا يقتضي التقييد، ولو سَلَّمنا ما ذكره باعتبار أحاديث الباب؛ لتأييده بأن لفظ العشاء يُخْرِج صلاة النهار، وذلك مانع من حمل اللام على العموم، لم يتمّ له باعتبار حديث: "لا صلاة بحضرة طعام" عند مسلم وغيره، ولفظ: "صلاة" نكرة في سياق النفي، ولا شكّ أنها من صيغ العموم، ولإطلاق الطعام، وعدم تقييده بالعَشَاء، فذِكْرُ المغرب من التنصيص على بعض أفراد العامّ، وليس بتخصيص، على أن العلة التي ذكرها شُرّاح الحديث للأمر بتقديم العشاء، كالنوويّ وغيره لعدم الاختصاص ببعض الصلوات، فإنهم قالوا: إنها اشتغال


(١) راجع: "تحفة الأحوذي" ٢/ ٣٣٤.
(٢) "الفتح" ٢/ ١٨٧.