للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القلب بالطعام، وذهاب كمال الخشوع عند حضوره، والصلوات متساوية الإقدام في هذا.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي حقّقه الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من حمل الحديث على العموم هو الراجح عندي؛ لقوّة حجّته، واللَّه تعالى أعلم.

قال: وظاهر الأحاديث أنه يُقَدِّم العَشَاء مطلقًا، سواء كان محتاجًا إليه، أم لا، وسواء كان خفيفًا أم لا، وسواء خَشِي فساد الطعام أم لا، وخالف الغزالي، فزاد قيد خشية فساد الطعام، والشافعية، فزادوا قيدَ الاحتياج، ومالك، فزاد قيد أن يكون الطعام خفيفًا.

وقد ذهب إلى الأخذ بظاهر الأحاديث ابن حزم والظاهرية، ورواه الترمذي عن أبي بكر، وعمر، وابن عمر، وإسحاق، والعراقيّ عن الثوريّ، فقال: يجب تقديم الطعام، وجزموا ببطلان الصلاة إذا قُدِّمت.

وذهب الجمهور إلى الكراهة. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ادَّعَى أبو عمر بن عبد البرّ: الإجماع على صحة صلاة مَن صلّى بحضرة الطعام، ومن صلّى حاقنًا، إذا لم يترك شيئًا من فرائض الصلاة (٢).

فإن صحّ دعوى الإجماع، فذاك، وإلا في قاله الأولون هو الظاهر؛ لأن حديث مسلم: "لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" نص في انتفاء الصلاة، وعدم الاعتداد بها مع حضور الطعام، ومدافعة الأخبثين، واللَّه تعالى أعلم.

(فَابْدَءُوا بالْعَشَاءِ") أي بأكل العَشَاء، وهو بفتح العين المهملة.

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا مُتَّفَقٌ عليه.


(١) "نيل الأوطار" ٢/ ٥٧.
(٢) "التمهيد" ٢٢/ ٢٠٦.