عمرو بن أُميّة الضمريّ -رضي اللَّه عنه-، وقد أخرجه البخاريّ في "صحيحه"، ورُوي نحوُه من حديث المغيرة بن شُعبة، وجابر بن عبد اللَّه.
وفي هذه الأحاديث أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَحتزّ من كتف شاة، فأتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فألقى السكين، ثم قام إلى الصلاة.
وقد ذهبت طائفة من الفقهاء من الشافعيّة وغيرهم إلى أنه إذا سمع الإقامة لم يشبع من طعامه، بل يأكل ما يَكسر به سَوْرة جوعه، وحديث ابن عمر صريح في ردّ ذلك، وأنه لا يعجل حتى يفرغ من عشائه.
[والقول الثالث]: عكس الثاني، نقله حربٌ عن أحمد، قال: إن كان قد أكل بعض طعامه، فاُقيمت الصلاة، فإنه يُتمّ أكله، وإن لَمْ يأكل شيئًا، فأُحبّ أن يصلي.
وقد يُعلّل هذا بأنه إذا تناول شيئًا من طعامه، فإن نفسه تتوق إلى تمامه، بخلاف من لم يذُق منه شيئًا، فإن تَوَقَان نفسه إليه أيسر.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا خلاف النصوص الكثيرة، فإنها عامّة، فلا ينبغي استثناء بعض الأحوال دون بعض، فتبصّر.
قال: وفي المسألة قول آخر، وهو الجمع بين أحاديث هذا الباب، وبين حديث عمرو بن أُميّة، وما في معناه من طرح النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السكّين من يده، وقيامه إلى الصلاة بالفرق بين الإمام والمأمومين، فإذا دُعي الإمام إلى الصلاة قام، وترك بقيّة طعامه؛ لأنه يُنتظر، وَيشُقّ على الناس عند اجتماعهم تأخّره عنهم بخلاف آحاد المأمومين، وهذا مسلك البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الجمع حسنٌ جدًّا، وحاصله أن الأمر بالبدء بالعشاء محمول على مَن غير الإمام؛ لعدم من يتضرر بتأخّره، وأما هو فلا يبدأ بالعشاء، بل يذهب إلى الصلاة؛ لئلا يتضرّر بتأخره من ينتظره في المسجد، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
قال: وبكلّ حال فلا يُرخّص مع حضور الطعام في غير ترك الجماعة، فأما الوقت فلا يُرخص بذلك في تفويته عند جمهور العلماء، ونصّ عليه أحمد وغيره.
وشذّت طائفة، فرخّصت في تأخير الصلاة عن الوقت بحضور الطعام