للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(لَا) نافية (تَحَدَّثُ) بفتح التاء، أصله تتحدّث بتاءين حُذفت إحداهما تخفيفًا، كما قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

(كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا) تعني ابنَ أبي عتيق، جعلته ابن أخيها مجازًا؛ لأنه ولد محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق، فهو حفيد أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق (أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه مثل "ألا" (إِنِّي) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء (قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ؟) أي من أيّ شيء أصابك اللحن وعدم الفصاحة مثله (هَذَا) أي ابن أبي عتيق (أَدَّبَتْهُ) بتشديد الدال؛ للمبالغة، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أَدَبْتُهُ أَدْبًا، من باب ضَرَبَ: علّمتُهُ رياضة النفس، ومحاسن الأخلاق، قال أبو زيد الأنصاريّ: الأدَبُ يقع على كلّ رياضة محمودة، يَتَخَرَّج بها الإنسان في فَضِيلة من الفضائل، وقال الأزهريّ نحوه، فالأدب اسم لذلك، والجمع أَداب، مثلُ سَبَبٍ وأَسباب، وأدّبته تأديبًا مبالغةٌ وتكثيرٌ، ومنه قيل: أدّبته تأديبًا: إذا عاقبته على إساءته؛ لأنه سببٌ يدعو إلى حقيقة الأدب. انتهى (١). (أُمُّهُ) هي رُمَيثةُ بنت الحارث بن حُذيفة بن مالك بن ربيعة، من بني فِرَاس بن غَنْم بن مالك بن كنانة (٢)، والمعنى: أن كثرة لحنك إنما أتاك من قبل تعليم أمك لك؛ لأنَّها أعجميّة (وَأَنْتَ) تعني القاسم (أَدَّبَتْكَ أمّكَ) أي وهي فصيحة، فأتته الفصاحة منها.

وحاصل ما أشارت إليه عائشة -رضي اللَّه عنها- في كلامها هذا أن القاسم لَمّا لم تكن أمه عربيّة فصيحةَ، وتربّى عندها لم يكن فصيحًا، بل كان لحّانةً، وأما ابن أبي عتيق فلَمّا كانت أمه عربيّة فصيحة؛ لأنَّها من بني فِرَاس بن غنم كما أسلفناه آنفًا، وربّته على فصاحتها كان فصيحًا، واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ) ابن أبي عَتيق (فَغَضِبَ) بكسر الضاد المعجمة (الْقَاسِمُ) بن محمد (وَأَضَبَّ عَلَيْهَا) بفتح الهمزة، والضاد المعجمة، وتشديد الباء الموحّدة: أي حَقَد، قال الفيّوميّ: الضبّ: الْحِقْدُ (٣)، وقال في "القاموس": و"الضَّبّ":


(١) "المصباح المنير" ١/ ٩.
(٢) "تهذيب الكمال" ١٦/ ٦٥.
(٣) "المصباح" ٢/ ٣٥٧.