للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغيظ، والحِقْد، ويُكسر. انتهى (١). فأفاد أن ضاده مفتوحة، ويجوز كسرها، فافهمه (فَلَمَّا رَأَى) أي القاسم (مَائِدَةَ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها-، قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "المائدة": مشتقّة من ماد يَمِيد: إذا أعطي، وهي فاعلةٌ بمعنى مفعولة؛ لأن المالك مادها للناس: أي أعطاهم إيّاها، وقيل: مشتقّةٌ من ماد يَمِيد: إذا تحرّك، فهي اسم فاعل على الباب. انتهى. (قَدْ أُتِيَ) بالبناء للمفعول، أي جيء (بِهَا) أي بالمائدة (قَامَ) أي لئلا يأكل طعامها؛ غضبًا عليها (قَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها- (أَيْنَ؟) أي إلى أي مكان تقوم من مكان المائدة؟ (قَالَ) القاسم (أُصَلِّي، قَالَت: اجْلِسْ، قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي) كرّره؛ لاشتداد غضبه عليها (قَالَت: اجْلِسْ غُدَرُ) بضمّ الغين المعجمة، وفتح الدال المهملة، وهو بحذف حرف النداء، أي يا غادر، قال أهل اللغة: الغَدْر: ترك الوفاء، ويقال لمن غَدَر: غادرٌ، وغُدَرٌ، وأكثر ما بُسْتَعْمَل في النداء بالشتم، كما قال في "الْخُلاصة":

وَشَاعَ فِي سَبِّ الذُّكُورِ فُعَلُ … وَلَا تَقِسْ وَجُرَّ فِي الشِّعْرِ فُلُ

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وإنما قالت له: غُدَرُ؛ لأنَّه مأمور باحترامها؛ لأنَّها أم المؤمنين، وعمته، وأكبر منه، وناصحةٌ له، ومؤدِّبةٌ، فكان حقُّهُ أن يَحْتَمِلَها، ولا يَغْضَبَ عليها. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قولها: "غُدَرُ" معناه: يا غادر، وعُدِل به عنه؛ لزيادة معنى التكثير، ونسبتُهُ للغدر؛ لما أظهر من أنه إنما ترك طعامها من أجل الصلاة، وما صدر من عائشة -رضي اللَّه عنها- للقاسم إنما كان منها لإنهاض همّته، وليحرص على التعلّم، وعلى تثقيف لسانه. انتهى (٣).

ثم علّلت نهيها له عن الصلاة في ذلك المكان، بقولها:

(إِني) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

(سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "لَا) نافية للجنس تعمل عمل "إنَّ"، كما قال في "الخلاصة":


(١) "القاموس المحيط" ١/ ٩٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٥/ ٤٧.
(٣) "المفهم" ٢/ ١٦٥.