للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَمَلَ "إِنَّ" اجْعَلْ لِـ "لَا" فِي النَّكِرَهْ … مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أَوْ مُكَرَّرَهْ

واسمها قوله: (صَلَاةَ) فهو مبنيّ؛ لتركّبه معها، وهذا مذهب البصريين، وعند الكوفيين منصوبٌ، سقط تنوينه للتخفيف، وقوله: (بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ) متعلّق بـ "لا"، وفي نسخة: "بحضرة طعام" بالتنكير.

وفي رواية أبي داود: "لا يُصَلَّى بحضرة الطعام"، وقال في "المنهل": أي لا صلاة بحضرة طعام تتعلّق به النفس إلَّا بعد الأكل، وأخذ النفس حاجتها من الطعام، والنفي هنا بمعنى النهي للتنزيه عند الجمهور، وللتحريم عند الظاهريّة، وابن حزم، وأبي ثور، وجماعة، وجزموا ببطلان الصلاة إذا قُدِّمت، والطعام المتيسّر عن قريبٍ كالحاضر.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "والطعام المتيسّر كالحاضر" فيه نظر لا يخفى؛ إذ قوله: "إذا قُرّب"، وكذا "إذا قُدّم" والألفاظ الأخرى تردّه، فالصواب تقييده بما حضر؛ عملًا بظواهر الألفاظ، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

قال: وهذا ما لم يَضِق الوقتُ بحيث يُخاف خروج وقت الصلاة، وإلا صلّى وجوبًا، ولا يؤخّرها؛ محافظةً على حرمة الوقت، هذا ما ذهب إليه الجمهور؛ لما جاء عن جابر -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تؤخّروا الصلاة لطعام ولا لغيره"، رواه البغويّ في "شرح السنّة".

قال ابن الملك: يُحمَلُ هذا الحديث على ما إذا كان متماسكًا في نفسه، لا يُزعجه الجوع، أو كان الوقت ضيّقًا، يُخاف فوته؛ توفيقًا بين الأحاديث. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث جابر -رضي اللَّه عنه- المذكور أخرجه أيضًا أبو داود في "سننه"، وهو ضعيفٌ، فلا يُحتجّ به (٢)، فتنبّه.

(وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ) أي ولا صلاةَ في حالة مدافعة الأخبثين، تثنية الأخبث، أي البول والغائط.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "ولا هو يُدافعه الأخبثان" قال الأشرف: هذا


(١) "المنهل العذب المورود" ١/ ٢٩٦.
(٢) راجع: "ضعيف الجامع الصغير" رقم (١٠٧١).