للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التركيب لا أُحقّقه، وأقول: يمكن أن يقال: إن "لا" الأولى لنفي الجنس، و"بحضرة الطعام" خبرها، و"لا" الثانية زائدة للتأكيد، وعُطِفت الجملةُ على الجملة، وقوله: "هو" مبتدأ، و"يُدافعه" خبره، وفيه حذف، تقديره: ولا صلاة حين هو يدافعه الأخبثان فيها، يعني أن الرجل يدفع الأخبثين حتى يؤدّي الصلاة، والأخبثان يدفعانه عن الصلاة، ويجوز أن تُحمَلَ المدافعة على الدفع مبالغةً، ويجوز أن يُحذف اسم "لا" الثانية وخبرها، وقوله: "هو يدافعه" حالٌ، أي ولا صلاةَ للمصلّي، وهو يُدافعه الأخبثان، ويؤيّده رواية: "لا يُصلّي الرجل، وهو يُدافع الأخبثين" (١)، ويجوز مثل هذا الحذف. انتهى كلام الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال في "المرعاة": والمدافعة إما على حقيقتها، يعني أن الرجل يدفع الأخبثين حتى يؤدّي الصلاة، والأخبثان يدفعانه عن الصلاة، وإما بمعنى الدفع مبالغةً، وهذا مع المدافعة، وأما إذا لم يجد في نفسه ثقل ذلك، وليس هناك مدافعة فلا نهي عن الصلاة معه، ومع المدافعة فهي مكروهة، قيل: تنزيهًا؛ لنقصان الخشوع، فلو خشي خروج الوقت إن قدّم التبرّز، وإخراج الأخبثين قدّم الصلاة، وهي صحيحة مكروهة، وُششحبّ إعادتها، ولا تجب عند الجمهور، كمال قال النوويّ، وعن الظاهريّة أنَّها باطلة. انتهى (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الظاهريّة لا يخفى رُجحانه؛ لظواهر النصوص، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

وقال في "المنهل": وما قيل: إن في هذا تقديم حقّ العبد على حقّ اللَّه تعالى مردود بأنه ليس كذلك، وإنما فيه صيانة حقّ اللَّه تعالى؛ ليدخل العبد في العبادة بقلب خاشع غير مشغول (٤).


(١) أخرجه ابن حبّان في "صحيحه" (٥/ ٤٢٨) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يصل أحدكم، وهو يدافعه الأخبثان".
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٢٩.
(٣) "المرعاة" ٣/ ٤٩٣.
(٤) "المنهل العذب المورود" ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧.