للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويستأذن أن يُدفَن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرِنّ به اليومَ على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد اللَّه بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تُحِبّ يا أمير المؤمنين أذنت، قال: الحمد للَّه، ما كان من شيء أهمّ إليّ من ذلك، فإذا أنا قضَيتُ، فاحمِلُوني، ثم سَلِّم، فقل: يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي، فأدخلوني، وإن رَدَّتني رُدُّوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة، والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا، فوَلَجَت عليه، فبكت عنده ساعةً، واستأذن الرجال، فولَجَت داخلًا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أَوْصِ يا أمير المؤمنين، استَخْلِف، قال: ما أجد أحدًا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، أو الرهط الذين تُوُفِّي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو عنهم راضٍ، فسَمَّى عليًّا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدًا، وعبد الرحمن، وقال: يَشْهَدكم عبدُ اللَّه بن عمر، وليس له من الأمر شيءٌ، كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمرة سعدًا، فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيُّكم ما أُمِّر، فإني لم أعزله عن عجز، ولا خيانة، وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقَّهم، ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أن يُقْبَل من محسنهم، وأن يُعْفَى عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا، فإنهم رِدْءُ الإسلام، وجُبَاةُ المال، وغيظ العدوّ، وأن لا يؤخذ منهم إلَّا فَضْلُهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا، فإنهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، أن يؤخذ من حواشي أموالهم، ويُرَدَّ على فقرائهم، وأوصيه بذمة اللَّه، وذمة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُوَفَّى لهم بعهدهم، وأن يُقاتَل من ورائهم، ولا يُكَلَّفوا إلَّا طاقتهم، فلما قُبِض خرجنا به، فانطلقنا نمشي، فسَلَّم عبد اللَّه بن عمر، قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فأُدخل، فوُضِع هنالك مع صاحبيه، فلما فُرِغ من دفنه، اجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى عليّ، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: أيكما تَبَرَّأ من هذا الأمر، فنجعله إليه، واللَّهُ عليه والإسلام، لَيَنْظُرنّ أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان،