للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي الثُّلُثِ}، وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ: "وله أخ أو أخت من أمه"، ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم، أو للأب ليس ميراثهم كهذا، فدلَّ إجماعهم على أن الإخوة المذكورين في آخر السورة هم إخوة الْمُتَوَفَّى لأبيه وأمه، أو لأبيه؛ لقوله عزَّ وجلَّ: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، ولم يَختلفوا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا، فدَلَّت الآيتان أن الإخوة كُلَّهم جميعًا كلالةٌ.

وقال الشعبيّ: الكلالة ما كان سوى الولد والوالد، من الورثة إخوةً أو غيرهم من العصبة، كذلك قال عليّ، وابن مسعود، وزيد، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، قال الطبريّ: والصواب أن الكلالة هم الذين يرثون الميت مَن عدا ولده ووالده؛ لصحة خبر جابر -رضي اللَّه عنه-، فقلت: يا رسول اللَّه إنما يرثني كلالةٌ، أَفأُوصي بمالي كلِّه؟ قال: "لا. . ." الحديث، متّفقٌ عليه (١).

[فائدة]: قال أهل اللغة: يقال: رجلٌ كلالةٌ، وامرأةٌ كلالةٌ، ولا يثنَّى، ولا يُجمَعُ؛ لأنه مصدرٌ، كالوكالة، والدلالة، والسَّمَاحة، والشَّجَاعة، وأعاد ضمير مفرد في قوله: {وَلَهُ أَخٌ}، ولم يقل: لهما، وقد سبق ذكر الرجل والمرأة، على عادة العرب، إذا ذَكَرت اسمين، ثم أَخبَرَت عنهما، وكانا في الحكم سواءً، ربما أضافت إلى أحدهما، وربما أضافت إليهما جميعًا، تقول: من كان عنده غلام وجارية، فليحسن إليه، وإليها، وإليهما، وإليهم، قال اللَّه تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ} الآية، وقال تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} الآية، ويجوز أولى بهم، قاله الفراء وغيره (٢).

(مَا) نافيةٌ (رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي شَيْءٍ) أي من أحكام الدين (مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ) أي بيان حكمها، و"ما" مصدريّةٌ، والمصدر المؤّول نعت لمصدر مفعول مطلقٌ لـ "راجعتُ"، أي مثل مراجعتي في الكلالة (وَمَا أَغْلَظَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو بالبناء للفاعل (لِي فِي شَيْءٍ) أي مما سأله من الأحكام (مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ) أي مثل إغلاظه في سؤالي عن الكلالة (حَتَّى طَعَنَ) بالبناء للفاعل


(١) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٧٨.
(٢) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٧٨.