للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضًا (بِإِصْبَعِهِ) تقدّم أن فيها عشر لغات، تثليث الهمزة، مع تثليث الموحّدة، والعاشرة أُصبوع بالضمّ، وزانُ أُسْبُوع، وأفصحها كسر الهمزة، وفتح الموحّدة (فِي صَدْرِي) أي تأديبًا له لتشدّدة في السؤال.

قال أبو العبّاس القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: مقتضى الآية الأولى أن كلَّ واحد من الأخوين له السدس، سواء كان أحدهما ذكرًا أو أُنثى، فإن كانوا أكثر اشتركوا في الثلث، ومقتضى الآية الثانية أن للأخت النصف، وللاثنين الثلثين، ولم يُبيَّن في واحدة من الآتين الإخوة، هل هي لأمّ، أو لأب، أو لهما؟ ثم إذا تنزّلنا على أن الإخوة في الأولى للأم، وفي الثانية للأب، أو أشقّاءُ، فهل ذلك فرضهم إذا انفردوا؟ أو يكون ذلك فرضهم، وإن كان معهم بعض الورثة؟ كلُّ ذلك أمورٌ مطلوبة، والوصول إلى تحقيق تلك المطالب عَسِيرٌ، كما سنبيّن الصحيح من ذلك كلّه في "الفرائض" -إن شاء اللَّه تعالى-.

فلَمّا استُشكلت على عمر -رضي اللَّه عنه- هذه الوجوه تشوّف إلى معرفتها بطريق يُزيح له الإشكال، فأَلَحّ على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسؤال عن ذلك، حتى ضرب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على صدره، وأغلظ عليه في ذلك؛ رَدْعًا له عن الإلحاح؛ إذ كان قد نُهي عن كثرة السؤال، وتنبيهًا له على الاكتفاء بالبحث عمّا في الكتاب من ذلك، وعلى أن الكتاب يُبيِّنُ بعضه بعضًا.

وقال الخطّابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يُشبه أن يكون لم يُفْتِهِ، ووكل الأمر إلى بيان الآية؛ اعتمادًا على علمه وفهمه؛ ليتوضَلَ إلى معرفتها بالاجتهاد، ولو كان السائل ممن لا فَهْمَ له لَبَيَّنَ له البيان الشافي.

قال: وإن اللَّه تعالى أنزل في الكلالة آيتين: إحداهما في الشتاء، وهي التي في أول "سورة النساء"، وفيها إجمالٌ، وإبهامٌ لا يكاد يتبيّن المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية التي في آخر "النساء" في الصيف، وفيها زيادة بيان. انتهى (١).

(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي نسخة: "وقال" ("يَا عُمَرُ أَلَا) أداة تحضيض (يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ) أي الآية التي نزلت في فصل الصيف، وهو أحد الفصول الأربعة


(١) "المفهم" ٢/ ١٧٢.