قال العلائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا إما على القول بأن فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- يدلّ على الوجوب فيما ظهر فيه قصد القربة، وإما على القول بأن فعله -صلى اللَّه عليه وسلم- وقع هنا بيانًا لأفعال الصلاة الواجبة؛ لأنها مُجمَلة فيما يتعلق بالسهو فيها أيضًا، لم يتبين ذلك إلا بفعله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبيان الواجب واجب، وهذا فيما إذا كان قبل السلام واضح.
وأما فيما إذا كان بعد السلام فهو على قول من يقول: إن هذا السلام يحصل به التحلل من الصلاة، كالحنفية، وبعض المالكية.
وإما على طريق الجمع بأن يُضمّ إلى سجوده -صلى اللَّه عليه وسلم- قوله:"صلّوا كما رأيتموني أصلي"، وهو كالذي قبله فيما كان منه قبل السلام أو بعده.
[والمسلك الثالث]: اعتبار سجود السهو بالمقتضي له الذي يُجْبَر به.
وقد ناقش هذه المسالك الحافظ العلائي، فانظر كلامه في "نظم الفرائد" ص ٣٦٤ - ٣٦٥.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن قول من قال بالوجوب هو الراجح؛ لوروده بصيغة الأمر، مع مداومته -صلى اللَّه عليه وسلم- على فعله، كما مر بيانه والأمر للوجوب إلا إذا وُجد ما يصرفه، ولم يذكروا هنا صارفًا، واللَّه تعالى أعلم.
ثم رأيت شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ- نصر هذا الذي رجّحته من كون سجود السهو واجبًا، ودونك نصّه:
قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما وجوبه فقد أمر به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- لمجرد الشكّ، فقال:"إذا قام أحدكم يصلّي جاءه الشيطان، فلبس عليه صلاته، حتى لا يدري كم صلّى؟ فإذا وجد أحدكم ذلك، فليسجد سجدتين، وهو جالس"، متّفقٌ عليه، وأَمَرَ به فيما إذا طرح الشك، فقال في حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-: "فليطرح الشك، ولْيَبْنِ على ما استيَقَنَ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلّم، فإن كان صلّى خمسًا شفعتا له صلاته، وإن كان صلّى تمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان"، رواه مسلم.
وكذلك في حديث عبد الرحمن -رضي اللَّه عنه-: "ثم ليسجد سجدتين، وهو جالس قبل أن يسلّم، ثم يسلّم"، وأَمَر به في حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-، حديثِ التحري قال:"فليتحرَّ الصواب، فليتمّ عليه، ثم ليسجد سجدتين"، متّفقٌ عليه، وفي لفظ: "هاتان السجدتان لمن لا يدري أزاد في صلاته أم نقص؟، فيتحرى