الصواب، فيتم عليه، ثم يسجد سجدتين"، وفي الحديث الآخر المتفق عليه لابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "فقلنا: يا رسول اللَّه، أَحَدَث في الصلاة شيءٌ؟ فقال: لا، فقلنا له الذي صنع، فقال: إذا زاد أو نقص، فليسجد سجدتين، قال: ثم سجد سجدتين"، فقد أَمَر -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسجدتين إذا زاد أو إذا نقص، ومراده إذا زاد ما نُهِي عنه، أو نقص ما أمر به.
ففي هذا إيجاب السجود لكل ما يُتْرَك مما أمر به إذا تركه ساهيًا، ولم يكن تَرْكُهُ ساهيًا موجبًا لإعادته بنفسه، وإذا زاد ما نُهي عنه ساهيًا، فعلى هذا كلُّ مأمور به في الصلاة إذا تركه ساهيًا، فإما أن يعيده إذا ذكره، وإما أن يسجد للسهو لا بدّ من أحدهما.
فالصلاة نفسها إذا نسيها صلاها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، وكذلك إذا نسي طهارتها كما أُمر الذي ترك موضع لُمْعَة من قدمه لم يصبها الماء، أن يعيد الوضوء والصلاة، وكذلك إذا نسي ركعةً، كما في حديث ذي اليدين، فإنه لا بدّ من فعل ما نسيه، إما مضمومًا إلى ما صَلَّى، وأما أن يبتدئ الصلاة.
فهذه خمسة أحاديث صحيحة، فيها كلِّها يأمر الساهي بسجدتي السهو، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا سَهَى عن التشهد الأول سجدهما بالمسلمين قبل السلام، ولما سلَّم في الصلاة من ركعتين، أو من ثلاث، صلّى ما بقي، وسجدهما بالمسلمين بعد الصلاة، ولَمّا أذكروه أنه صلّى خمسًا سجدهما بعد السلام والكلام.
وهذا يقتضي مداومته -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهما، وتوكيدهما، وأنه لم يَدَعْهما في السهو المقتضي لهما قط، وهذه دلائل بينةٌ واضحةٌ على وجوبهما، وهو قول جمهور العلماء، وهو مذهب مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، وليس مع مَن لم يوجبهما حُجَّةٌ تقارب ذلك. انتهى كلام شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قال أبو عبد اللَّه المازريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أحاديث الباب خمسة:
١ - حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- فيمن شك فلم يَدْرِ كم صلّى؟، وفيه أنه يسجد سجدتين، ولم يذكر موضعهما.