للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ) أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- (سَجَدْتُ بِهَا) أي بسبب تلاوة آية السجدة منها (خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية النسائي: سجد بها أبو القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنا خلفه، والمراد أنه سجد بها في الصلاة، وليس في رواية البخاري قوله: "وأنا خلفه"، ولذا اعترض ابن المنيّر، فقال: لا حُجّة فيها على مالك؛ حيث كَرِهَ السجدة في الفريضة -يعني في المشهور عنه- لأنه ليس مرفوعًا.

فتعقَّبه الحافظ، فقال: وغَفَل عن رواية أبي الأشعث، عن معتمر بهذا الإسناد بلفظ: "صليت خلف أبي القاسم، فسجد بها". أخرجه ابن خزيمة، وكذلك أخرجه الْجَوْزقيّ من طريق يزيد بن هارون، عن سليمان التيمىّ، بلفظ: "صليت مع أبي القاسم، فسجد بها". انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: كان الأولى للحافظ أن يعزو هذه الرواية إلى المصنّف، أو يذكره معهم؛ لأن المعروف إذا كان الحديث في "الصحيحين" أو أحدهما أن يُعزى إليهما، أو إلى أحدهما، أو يذكرا مع غيرهما، وإلى هذا أشار بعضهم بقوله:

قَاعِدَةٌ أَسَّسَهَا الأَعْلَامُ … وَمَنْ حَذَا خِلَافَهَا يُلَامُ

إِذَا الْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" يَرِدْ … أَوْ كَانَ فِي أَحَدِ ذَيْنِ قَدْ وُجِدْ

فَعَزْوه لِمَا سِوَاهُمَا غَلَطْ … إِلَّا إِذَا بِعَزْوِ ذَيْنِ يُرْتَبَطْ

(فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ) وفي رواية النسائيّ: "حتى ألقى أبا القاسم -صلى اللَّه عليه وسلم-"، أي حتى أموت؛ لأنه لا يلقاه إلا بعد الموت (وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى) أي محمد بن عبد الأعلى شيخه الثاني (فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُهَا) أي بدل قول عبيد اللَّه: "فلا أزال أسجد بها".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: في هذا الحديث حجة لمن قال بمشروعية السجود في الصلاة المفروضة، وقد اختلف العلماء في ذلك.

فذهب الجمهور إلى مشروعيته في الصلاة مطلقًا، وهو الراجح؛ لحديث الباب وغيره.

وذهب بعضهم إلى كراهته في الفريضة، وهو المشهور عن مالك، وعنه كراهته في السرية دون الجهرية، وهو قول للحنفية، وغيرهم.