للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْإِيمَانُ) مبتدأ خبره (بضعٌ … ) إلخ.

قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: الإيمان في هذا الحديث يُراد به الأعمال، بدليل أنه ذكر فيه أعلى الأعمال، وهو قول: "لا إله إلا الله وأدناها: أي أقربها، وهو "إماطة الأذى"، وهما عملان، فما بينهما من قبيل الأعمال، وقد قدّمنا القول في حقيقة الإيمان شرعًا ولغةً، وأن الأعمال الشرعيّة تسمّى إيمانا مجازًا، وتوسّعًا؛ لأنها عن الإيمان تكون غالبًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "مجازًا" فيه نظر؛ بل الحقّ أنها تسمّى إيمانًا حقيقة، لا مجازًا؛ حيث إن الشرع سمّى الكلّ إيمانًا، فلا حاجة لدعوى المجاز، فتبصّر. والله تعالى أعلم.

(بِضْعٌ) قال القاضي عياضٌ رحمه الله تعالى: "البِضع"، و"البضعة" واحدٌ، بكسر الباء، ويقال بفتحها أيضًا فيهما، وأما اللحم فالبَضْعَةُ بالفتح لا غيرُ، وهو القطعة من الشيء، والفِرْقة منه، واستَعْمَلت العرب الْبِضْعَ فيما بين الثلاث إلى العشر، وقيل: من ثلاث إلى تسع، وقال الخليل: البضعُ سبعٌ، وقيل: هو ما بين اثنين إلى عشرة، وما بين اثني عشر إلى عشرين، ولا يقال في أحد عشر، ولا اثني عشر، وقال أبو عبيدة: هو ما بين نصف العِقْد، يريد من واحد إلى أربع. انتهى (٢).

وقال أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى: "البِضع" بكسر الباء، ويقال أيضًا بفتحها، وكذا البضعة، واختَلَف في ذلك أهل اللغة، وفي بعض تفسيرهم له إشكالٌ أنا أُوَضِّحُه، فقيل: هو من ثلاث إلى تسع، وهذا هو الأشهر، وقيل: ما بين اثنين إلى عشر، والظاهر أن هذا تفسير للأول، فيكون البضع مستعملًا في الثلاث، دون ما قبله، غير مستعمل في العشر، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر، والظاهر أن هذا هو ما حكاه أبو عمر الزاهد اللغويّ أنه


(١) "المفهم" ١/ ٢١٦.
(٢) "إكمال المعلم" ١/ ٢٦٤.