للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اللَّهم إلا أن تُحمل الرواية التي لم يُذكر فيها القبض على الروايات التي ذكر فيها القبض حملَ المطلق على المقيَّد.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الحمل هو المتعيِّن في المسألة؛ توفيقًا بين الروايات، واللَّه تعالى أعلم.

وقد جعل العلامة الإمام ابن القيم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الهدي" الروايات المذكورة كلَّها واحدةً، قال: فإن مَن قال: قبض أصابعه الثلاث أراد به أن الوُسطى كانت مضمومة، ولم تكن منشورة كالسبابة، ومن قال: قبض اثنتين أراد أن الوُسطى لم تكن مقبوضة مع البنصر، بل الخنصر والبنصر متساويتان في القبض دون الوسطى، وقد صرّح بذلك من قال: وعقد ثلاثًا وخمسين، فإن الوُسطى في هذا العقد تكون مضمومةً، ولا تكون مقبوضة مع البنصر.

وقد استَشْكَل كثير من الفضلاء هذا؛ إذ عقد ثلاث وخمسين لا يلائم واحدة من الصفتين المذكورتين، فإن الخنصر لا بدّ أن تركب البنصر في هذا العقد.

وقد أجاب عن هذا بعض الفضلاء بأن الثلاثة لها صفتان في هذا العقد: قديمةٌ، وهي التي ذُكرت في حديث ابن عمر، تكون فيها الأصابع الثلاث مضمومة مع تحليق الإبهام مع الوسطى، وحديثةٌ، وهي المعروفة اليوم بين أهل الحساب، واللَّه أعلم. انتهى كلام العلامة ابن القيم -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: وعندي أن الأولى حمل الروايات على اختلاف الأوقات، ففي بعضها قبض أصابعه كلّها، وأشار بالسبّابة، وفي بعضها قبض ثنتين من أصابعه، وهما الخنصر والبنصر، وحلّق الإبهام والوُسطى، وأشار بالسبّابة، وهو معنى عقد ثلاثة وخمسين، وأما حديث وضع اليمنى على الفخذ من دون قبض، فيحتمل أن يكون لبيان الجواز، أو يُحمَل على الأحاديث الأخرى التي دلّت على القبض؛ حملًا للمطلق على المقيّد، كما سبق التنبيه عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في بيان معنى عقد ثلاث وخمسين الوارد في حديث التشهد:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "وعقد ثلاثًا وخمسين" شرطه عند أهل الحساب