للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية ابن منده في "الإيمان": من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه، عن يحيى بن يعمر قال: كان رجل من جهينة فيه زَهْوٌ، وكان يَتَوَثَّب على جيرانه، ثم إنه قرأ القرآن، وفَرّض الفرائض، وقَصَّ على الناس، ثم إنه صار من أمره أنه زَعَم أن الْعِلْم أُنُفٌ، من شاء عَمِل خيرًا، ومن شاء عمل شرًّا، قال: فلقيت أبا الأسود الدِّيليَّ، فذكرت ذلك له، فقال: كَذَبَ ما رأينا أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا يُثْبِت القدر، ثم إنِّي حججت أنا وحميد بن عبد الرَّحمن الحميري … الحديث.

(فَانْطَلَقْتُ) أي ذهبتُ (أَنَا) ضمير منفصلٌ أتى به ليعطف على الضمير المتّصل ما بعده، كما قال في "الخلاصة":

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ … عَطَفْتَ فَافْصلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَوْ فَاصِلٍ ما وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ … فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

(وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بالرفع عطفًا على الضمير المتّصل، وحميد هذا تابعيّ بصريّ، ثقة، تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" عند قوله: "وأسند حميد بن عبد الرَّحمن عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أحاديث … " إلخ (الْحِمْيَرِيُّ) بكسر الحاء المهملة، وسكون الميم: نسبة إلى حِمْيَر، من أصول القبائل باليمن (١) (حَاجَّيْنِ) منصوب على الحال (أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ) الظاهر أن "أو" للشكّ من الراوي، ووقع في بعض النسخ بالواو التي للجمع، فيكونان قارنين (٢).

(فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا) بكسر القاف، من باب رَضِي، "ولو" هنا بمعنى "ليت"، نحو قوله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)} [الحجر: ٢]، ونحو قول امرئ القيس [من الطويل]:

تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا إِلَيْهَا وَمَعْشَرًا … عَلَيَّ حِرَاصًا لَوْ يُشِرُّونَ (٣) مَقْتَلِي

(أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلْنَاهُ) أي ذلك الأحد (عَمَّا يَقُولُ


(١) "لبّ اللباب" ١/ ٢٥٩.
(٢) "شرح الأبيّ" ١/ ٥٢.
(٣) من أشرّ الشيءَ: إذا أظهره، ويروى: "لَوْ يُسِرُّون" بالسين المهملة، وهو أجود. أفاده في "اللسان" ٤/ ٤٠٢.