للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ) إشارة إلى معبد وأصحابه، أي عما يتكلَّمون به من نفي القدر (فَوُفِّقَ لَنَا) - بضم الواو، وكسر الفاء المشددة - قال صاحب"التحرير": معناه: جُعِل وَفْقًا لنا، وهو من الموافقة التي هي كالالتحام، يقال: أتانا لِتَيْفَاق الهلال، ومِيفَاقه: أي حين أَهَلَّ، لا قبله، ولا بعده، وهي لفظة تدل على صدق الاجتماع والالتئام، وفي "مسند أبي يعلى الموصلي": "فوافق لنا، بزيادة ألف والموافقة: المصادفة. قاله النوويّ (١).

(عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) - رضي الله عنهما -، فـ "عَبد الله" بالرفع على أنه تائب فاعل "وُفِّقَ" (دَاخِلًا الْمَسْجِدَ) منصوب على الحال من "عبد الله"، والمراد بالمسجد المسجد النبويّ، فقد بيّنته رواية ابن منده في "كتاب الإيمان"، ولفظه من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، وفيه: "فلما قضينا حجنا قلنا: نأتي المدينة، فنلقى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنسألهم عن القدر، قال: فلما أتيت المدينة … " الحديث.

(فَاكتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاجبِي) أي صِرْنا في كنفيه، يعني بجانبيه ناحيتيه؛ لأن كنفا الطائر: جناحاه، وأراد بصاحبه حميد بن عبد الرَّحمن، ثم فسر الاكتناف بقوله: (أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِه، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ) فيه تنبيه على أدب الجماعة في مشيهم مع فاضلهم، وهو أنهم يكتنفونه، وَيحُفُّون به. قاله النوويّ.

وقال القرطبيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وإنما جاءاه كذلك تأدّبًا واحترامًا؛ إذ لو قاما أمامه لمنعاه المشي، ولو صارا له من جانب واحد لكلَّفاه الميل إليهما، وكانت هذه الهيئة أحسن ما أمكنهما. انتهى (٢).

ويحتمل - كما قال بعضهم - أنه لكراهة السلف المشي خلف الرجل؛ لما فيه من الشهرة، أو لكونه أمكن للسؤال. والله تعالى أعلم.

(فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي) أي حميد بن عبد الرَّحمن (سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ) معناه: أنه يسكت، ويُفَوِّضه إليَّ لإقدامي، وجرأتي، وبَسْطَةِ لساني، فقد صرَّح في رواية ابن منده بذلك، ولفظه: قال: قلت: تسأله أم أسأله؟ قال: لا، بل


(١) "شرح النووي" ١/ ١٥٥.
(٢) "المفهم" ١/ ١٣٤.