بعض العراقيين، فمنع من تحريكها، وبعض أصحابنا رأوا أن مدّها إشارة إلى دوام التوحيد.
وفي حديث وائل بن حجر بعد قوله:"وحَلّق حلقةً، ثم رفع إصبعه، فرأيته يُحرّكها، يدعو بها"، رواه النسائيّ.
وإلى هذا ذهب أكثر المالكيّة، ثم من قال بالتحريك، فهل يواليه، أو لا يواليه؟ اختُلِف فيه على قولين، وسبب ذلك اختلافُهُم في ماذا يُعلَّلُ به ذلك التحريك؟ فمن وإلى التحريك تأول ذلك بأنها مُذكّرةٌ بموالاة الحضور في الصلاة، وبأنها مِقْمَعة ومِدفعة للشيطان، ومن لم يُوالي رأى تحريكها عند التلفّظ بكلمتي الشهادة فقط، وتأوّل في الحركة كأنها نُطق تلك الجارحة بالتوحيد. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ببعض تصرّف (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تقدّم أن الإشارة تكون من أول الجلوس إلى آخره، كما هو ظاهر الأحاديث، وليس عند الشهادتين فقط؛ إذ لا دليل عليه.
ثم إن عدم التحريك هو الأولى عندي، كما هو مذهب جمهور العلماء؛ لما رواه أبو داود، والنسائيّ من طريق زياد بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه:"أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يشير بإصبعه إذا دعا، ولا يُحرّكها"، فهذا صريح في عدم التحريك.
وأما ما أخرجه أحمد، والنسائيّ عن وائل بن حجر -رضي اللَّه عنه- وفيه:"فرأيته يحرّكها"، فقد أعلّه بعضهم بالشذوذ، حيث خالف زائدة بن قُدامة جماعة من الحفاظ الذين رووه عن عاصم بن كُليب، وقد ألّف بعض المعاصرين في ذلك رسالة، وعلى تقدير صحته، فيُحمل على أنه فعل ذلك لبيان الجواز، فيُعمل به في بعض الأحيان.
وأما تضعيف بعضهم حديث عبد اللَّه بن الزبير الذي فيه أنه لا يحرّكها بتفرّد محمد بن عجلان، فليس بجيّد، فإن زيادته ليست منكرةً؛ لأنه ثقةٌ متّفقٌ على توثيقه، وإنما تكلّموا باضطرابه في أحاديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- فقط، وليس هذا منها، ولأن روايته يؤيّدها حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- الذي فيه وصف كيفيّة