قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "على تسليمة واحدة" فيه نظر لا يخفى؛ إذ هذا عمل بعض الناس، لا عمل عموم الناس، وسيأتي تحقيقه قريبًا -إن شاء اللَّه تعالى-.
(قَالَ الْحَكَمُ) بن عُتيبة (فِي حَدِيثِهِ) أي في روايته عن مجاهد (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَفْعَلُهُ) يعني أن الحكم زاد على منصور، التصريح برفع الحديث إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ١٣١٦ و ١٣١٧](٥٨١)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٤٤٤)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار"(١/ ٢٦٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٢٠٥٣ و ٢٠٥٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٢٨٩ و ١٢٩٠ و ١٢٩١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ١٧٦)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان مشروعيّة التسليمتين للتحلّل من الصلاة، وهو مذهب الجمهور، وسيأتي تحقيق الخلاف في المسألة الخامسة -إن شاء اللَّه تعالى-.
٢ - (ومنها): بيان أن بعض الناس كانوا تركوا التسليمتين، واكتفوا بتسليمة واحدة، ولذا تعجّب ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- من عمل هذا الأمير.
٣ - (ومنها): بيان أن بعض السنن المشهورة قد تخفى على كثير من الناس، حتى في عهد الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فما بالك في العصر المتأخّر زمن استيلاء الجهل والهوى، فلا يجوز لمسلم أن يترك السنّة التي صحّت لديه بعلّة أن إمام مذهبه لم يقل بها، فإن إمامه كسائر الناس يخفى عليه بعض السنن، فلا ينبغي تقليده فيما جهله، فليتنبّه العاقل لهذه الدقيقة، فإنها مزلّة أقدام، فقد وقع قيها كثير ممن يُظنّ أنهم من أهل العلم، فأعماهم التقليد عن اتّباع السنّة الصحيحة؛