فيُحْمَل على بيان الجواز، فيُعمل به في بعض الأوقات، وأما اتخاذه مذهبًا دائمًا، فغير صواب؛ لمخالفته لأكثر الأحاديث الصحيحة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): في الكلام على زيادة "وبركاته" في التسليم:
(اعلم): أنه ورد زيادة "وبركاته" في التسليم من الجانبين من حديث وائل بن حُجر -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا، ومن حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا وموقوفًا، ومن حديث عمّار بن ياسر -رضي اللَّه عنه- موقوفًا.
فأما حديث وائل -رضي اللَّه عنه-، فأخرجه أبو داود في "سننه" على ما هو في النسخة الصحيحة، فإن نسخه قد اختَلَفت، فسقط من بعضها زيادتها في الثانية، وثبت في بعضها فيهما، وهي الصحيحة عندي، لما يأتي.
فأما النسخ التي ثبتت فيهما، فهي النسخة الهندية، وتوجد في "المكتبة المحموديّة" في المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة، وأزكى التحيّة، ونصّها -١/ ١٣٨ - :
حدّثنا عَبْدة بن عبد اللَّه، أخبرنا يحيى بن آدم، أخبرنا موسى بن قيس الحضرميّ، عن سلمة بن كُهيل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، أنه قال: صلّيت مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان يُسلّم عن يمينه:"السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته"، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته".
والنسخة الثانية هي النسخة التي ضِمْنَ الكتب التسعة التي طُبعت على منهج "المعجم المفهرس"، فقد ثبتت فيها من الجانبين أيضًا.
والنسخة الثالثة هي التي حقّقها عزت دعاس ص ٦٠٧، وهذه النسخة يَحْتَمِل أن تكون مأخوذة من النسختين السابقتين، أو من إحداهما، ويَحْتَمِل أن تكون نسخة أخرى، واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذه النسخ هي الصحيحة عندي، كما أشرت إليه سابقًا، دون النسخ الأخرى التي لا تثبت الزيادة لأمرين:
(الأول): أن المحقّقين من حُفّاظ الحديث أثبتوا هذه الزيادة في الجانبين من حديث وائل بن حُجْر -رضي اللَّه عنه- في مؤلّفاتهم، وعَزَوا ذلك إلى "سنن أبي داود".