وحاصله ترجيح قول الجمهور في مشروعية التسليمتين، وتفنيد الأقوال الأخرى؛ لعدم استنادها إلى دليل يصلح للاعتماد عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في صيغ السلام:
قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختلفوا في صفة التسليم، فقالت طائفة: صفة التسليم: "السلام عليكم ورحمة اللَّه"، وهذا مرويّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من وجوه، وإليه ذهب أكثر العلماء، ولو اقتصر على قوله:"السلام عليكم" أجزأه عند جمهورهم، ولأصحاب أحمد فيه وجهان.
وقالت طائفة: يزيد "وبركاته"، ومنهم الأسود بن يزيد، كان يقولها في التسليمة الأولى، وقال النخعي: أقولها، وأخفيها، واستحبّه طائفة من الشافعية.
وقد أخرج أبو داود من حديث وائل بن حُجر أنه صلّى مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان يُسلّم عن يمينه:"السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته"، وعن شماله:"السلام عليكم ورحمة اللَّه".
ومن أصحاب أحمد من قال: إنما فعل ذلك مرّة لبيان الجواز.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: سيأتي الكلام على هذه الزيادة في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى.
قال: وكان من السلف من يقول في التسليمة الأولى: "السلام عليكم ورحمة اللَّه"، ويقتصر في الثانية على:"السلام عليكم"، وروي عن عمّار، وغيره، وقد تقدّم حديث ابن عمر المرفوع بموافقة ذلك.
وقالت طائفة: بل يقتصر على قوله: "السلام عليكم" بكلّ حال، وهو قول مالك، والليث بن سعد، وروي عن عليّ وغيره، وكذلك هو في بعض روايات حديث جابر بن سمرة المرفوع، وفي بعضها زيادة:"ورحمة اللَّه"، وقد أخرجه مسلم بالوجهين. انتهى كلام الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتصرّف يسير.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الراجح عندي قول من قال: إنه يقول في التسليمتين: "السلام عليكم ورحمة اللَّه"، لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بذلك، وأما ما ورد من الاقتصار على "السلام عليكم"، أو زيادة "وبركاته"،