للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الإمام أحمد: ينبغي أن يُسرّ دعاءه لهذه الآية، قال: وكان يُكره أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء.

وقال سعيد بن المسيب: أحدث الناس الصوت عند الدعاء، وكرهه مجاهد وغيره.

ورَوَى وكيع عن الربيع، عن الحسن، والربيعُ عن يزيد بن أبان، عن أنس أنهما كرها أن يُسمع الرجل جليسه شيئًا من دعائه.

وورد فيه رخصة من وجه لا يصح.

أخرجه الطبراني من رواية أبي موسى: كان نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلّى الصبح يرفع صوته حتى يسمع أصحابه، يقول: "اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته عصمة أمري" -ثلاث مرّات- "اللهم أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي" -ثلاث مرّات- "اللهم أصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي" -ثلاث مرّات-، وذكر دعاء آخر.

وفي إسناده يزيد بن عياض متروك الحديث، وإسحاق بن طلحة ضعيف.

فأما الحديث الذي أخرجه مسلم وغيره عن البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما- قال: كنا إذا صلّينا خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحببنا أن نكون عن يمينه ليُقبل علينا بوجهه، قال: فسمعته يقول: "ربّ قني عذابك يوم تبعث عبادك".

فهذا ليس فيه أنه كان يجهر بذلك، حتى يسمعه الناس، إنما فيه أنه كان يقوله بينه وبين نفسه، وكان يسمعه منه أحيانًا جليسه كما كان يسمع منه من خلفه الآية أحيانًا في صلاة النهار.

ورَوَى هلال بن يساف، عن زاذان، حدثنا رجل من الأنصار، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في دبر الصلاة: "اللهم اغفر لي، وتب عليّ، إنك أنت التوّاب الغفور" مائة مرّة. أخرجه ابن أبي شيبة (١)، وعنه بقيّ بن مخلد في "مسنده". انتهى كلام الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تلخّص مما ذكر في كلام الحافظ ابن


(١) "المصنف" ١٣/ ٤٦٢، ورجاله ثقات.
(٢) "شرح البخاريّ" لابن رجب ٧/ ٣٩٨ - ٤٠٤.