للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمراد هنا: تنحيةُ ما يؤذي المسلمين، كالشوك، والحجر، والشجر، والنجاسة، ونحوها عن طريقهم؛ رفقًا بهم، وعطفًا عليهم.

(عَنِ الطَّرِيقِ) متعلّق بـ "إماطة"، وهو يُذكر في لغة نجد، وبه جاء القرآن في قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: ٧٧]، ويؤنّث في لغة الحجاز، والجمع طُرُقٌ - بضمّتين - وجمع الطُّرُق طُرُقَات، وقد جُمع الطَّريقُ على لغة التذكير أَطْرِقَة، قاله الفيّوميّ (١).

(وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ) مبتدأ وخبره، وقوله: (مِنَ الْإِيمَانِ) متعلّق بمحذوف، صفة لـ "شُعْبة".

ووقع في رواية ابن عمر الآتية: "الحياء من الإيمان"، وفي حديث عمران - رضي الله عنه - الآتي: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، وفي حديث آخر: "الحياء خيرٌ كلُّه" أو قال: "كلّهُ خيرٌ".

و"الحياء" - بالمد - في اللغة: تغير، وانكسار، يَعتَرِي الإنسانَ من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب، والترك إنما هو من لوازمه، وفي الشرع: خُلُقٌ يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، ولهذا جاء في الحديث الآخر: "الحياء خير كله". انتهى (٢).

قيل: الحياء مأخوذ من الحياة، وكأن الحييّ صار لما يَعتريه من التغيّر والانكسار مَؤُوف (٣) الحياة، منكسر الْقُوَى، ولذلك قيل: مات حياءً، وجَمَد في مكانه خَجَلًا (٤).

وقال الواحديّ رحمه الله تعالى: قال أهل اللغة: الاستحياء من الحياة، واستحيا الرجل من قُوّة الحياة فيه؛ لشدّة علمه بمواقع الغيب، قال: فالحياء من قُوّة الْحِسّ ولطفِهِ وقوّة الحياة (٥).

وقال أبو القاسم الجنيد رحمه الله تعالى: الحياء حالةٌ تتولّد من رؤية الآلاء، ورؤية التقصير (٦).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٢.
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ٧٦.
(٣) بوزن رَسُول: أي أصابته الآفة.
(٤) "الكاشف" ٢/ ٤٣٨.
(٥) "شرح النووي" ٢/ ٥.
(٦) "الكاشف" ٢/ ٤٤٠.