للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قول القرطبيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: سيأتي البحث في أقوال أهل العلم في عدد الشعب مستوفًى في المسألة الخامسة - إن شاء الله تعالى -.

(فَأَفْضَلُهَا) أي أفضل تلك الشُّعَب قدرًا، ودرجةً عند الله تعالى، والفاء فصيحيّة، سمّيت بذلك لكونها أفصحت عن جواب شرط مقدّر، كأنه قيل: إذا كان الإيمان ذا شُعَبٍ كثيرة، يلزم منه ثبوت الفاضل والمفضول، فما أفضلها، وأدناها؟ (قَوْلُ لَا إِلَهً إِلَّا اللهُ) فيه أن كلمة التوحيد أفضل أنواع الإيمان، كما أن الإيمان أفضل أنواع العمل، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل: أي العمل أفضل؟، فقال: "إيمان بالله ورسوله … " الحديث، متّفق عليه.

فـ "أفضلها" مبتدأ، خبره "قول … إلخ".

(وَأَدْنَاهَا) أي أقرب هذه الشُّعَبِ البضع والستين، أو البضع والسبعين منزلةً، وأدونها مقدارًا، من الدنوّ بمعنى القرب، يقال: فلانٌ أدنى القدر، وقريب المنزلة، كما يُعبّر بالبعيد عن ضدّ ذلك، فيقال: فلانٌ بعيد الْهِمّة، وبعيد المنزلة، بمعنى الرفيع العالي، ولذلك استعمله في مقابلة الأعلى، قاله الطيبيّ (٢).

وفي رواية النسائيّ: "وأوضعها" وهي بمعنى "أدناها" (إِمَاطَةُ الْأَذَى) أي إزالة الأذى، و"الإماطة" - بكسر الهمزة -: مصدر أماط الشيء: إذا أزاله، وأذهبه، قال في "القاموس": ماطَ يَمِيط مَيْطًا - أي من باب باع -: جارَ، وزَجَرَ، وَمَاطَ عنّي مَيْطًا وميَطانًا: تنحّى، وبَعُدَ، ونَحّى، وأبعد، كأماط فيهما. انتهى.

فأفاد أن ماط يتعدّى ويلزم كأماط.

و"الأذى": بالفتح: مصدر أَذِيَ به، كبَقِي بالكسر، وتأذّى، والاسم الأذِيّةُ، والأَذَاةُ، وهي المكروه اليسير. قاله في "القاموس".


(١) راجع: "المفهم" ١/ ٢١٦ - ٢١٧.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٣٨.