للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنه فيها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنكر ذلك، فتكون هذه بعدما أُوحي إليه، فقوله: (إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ) وفي نسخة: "ليُعذّبون" الضمير فيه لأهل القبور.

ويَحْتَمِل أن تتّحد الواقعتان، فيكون قبل أن يوحَى إليه، ويكون الضمير في قوله: "إنهم يعذّبون" لليهود، والوجه الأول أقرب وأظهر، واللَّه تعالى أعلم.

قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لعله سَمَّى أحوال العباد في القبر تعذيبًا؛ تغليبًا لفتنة العاصي على فتنة المطيع؛ لأجل التخويف، ولأن القبر مقام الهول والوحشة، ولأن ملاقاة الملائكة مما يَهاب منه ابن آدم في العادة. انتهى.

(عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ") جمع بهيمة، قال في "المصباح": البَهيمة: كلُّ ذات أربع، من دوابّ البحر والبرّ، وكلُّ حيوان لا يُميِّز، فهو بهيمة، والجمع بَهَائم. انتهى (١). (قَالَتْ) وفي نسخة: "ثمّ قالت"، أي عائشة -رضي اللَّه عنها- (فَمَا) نافية (رَأَيْتُهُ) أي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (بَعْدُ) بالبناء على الضمّ؛ كما مرّ في الحديث الماضي، أي بعد هذه الواقعة، وفي الرواية التالية: "وما صلّى صلاةً بعد ذلك إلا سمعته يتعوّذ من عذاب القبر" (فِي صَلَاةٍ إِلَّا يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) أي لأنه أوحي إليه به.

والحديث متّفقٌ عليه، وتقدّمت مسائله في الحديث الماضى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٣٢٥] (. . .) - (حَدَّثَنَا (٢) هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ قَالَتْ: وَمَا صَلَّى صَلَاةً بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا سَمِعْتُهُ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ) بن مصعب التميميّ، أبو السَّرِيّ الكوفيّ، ثقةٌ [١٠] (ت ٢٤٣) عن (٩١) سنةً (عخ م ٤) تقدم في "الإيمان" ٦٤/ ٣٦٥.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٦٥.
(٢) وفي نسخة: "وحدّثني".