للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه التصريح باستحبابه في التشهد الأخير، والإشارة إلى أنه لا يُسْتَحَبُّ في الأول، وهكذا الحكم؛ لأن الأوّل مبنيّ على التخفيف. انتهى (١).

(فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ) ظاهره وجوب الاستعاذة من هذه الأربع، وإليه ذهب طاووس، حيث أمر ابنه بإعادة الصلاة لتركها، كما سيذكره المصنّف آخر الباب، وهو مذهب ابن حزم، وحمله الجمهور على الندب، وادَّعَى بعضهم الإجماع على الندب، وهو لا يتمّ مع مخالفة من ذكر.

قال العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والحقّ الوجوب، إن علم تأخّر هذا الأمر عن حديث المسيء صلاته؛ لما عرّفناك في شرحه. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ما قاله الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الحقّ، واللَّه تعالى أعلم.

(مِنْ أَرْبَعٍ) أي من أربع خصال، قال في "المرعاة": ينبغي أن يزاد على هذه الأربع التعوّذ من المأثم والمغرم المذكورين في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- الآتي بعد هذا (٢).

وقوله: (يَقُولُ) تفسير لتلك الخصال الأربع، مع بيان الصيغة التي تقال (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هي لفظة أعجميّة، اسم لنار الآخرة، وقيل: هي عربيّة، وسُمّيت بها لبعد قعرها، ومنه: ركِيّةٌ جِهِنَّامٌ -بكسر الجيم والهاء والتشديد-: أي بعيدة القعر، وقيل: تعريب كِهِنَّام بالعِبرانيّ. انتهى (٣).

وإنما قُدِّم التعوذ من عذاب جهنم؛ لكونه أشدّ وأبقى (وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) هو ضرب من لم يُوَفَّق للجواب عند السؤال بمقامع من حديد، فقد أخرج الشيخان عن أنس -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "العبد إذا وُضع في قبره، وتولى وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فأقعداه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل، محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فيقول: أشهد أنه عبد اللَّه ورسوله،


(١) "شرح النوويّ" ٥/ ٨٧ - ٨٨.
(٢) "المرعاة" ٣/ ٢٩٤.
(٣) "النهاية" ١/ ٣٢٣.