للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمد بن مسلم، أنه (قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها-، وقوله: (زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) منصوب على أنه بدل، أو عطف بيان لـ "عائشة"، والزوج بلا هاء يطلق على الرجل والمرأة على اللغة الفصحى، وبها جاء القرآن، قال اللَّه تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}، وقد يقال للمرأة: زوجة بالهاء (أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ) هذا مطلق لا يخصّ محلًّا من الصلاة، لكن يُعَيِّن أنه بعد التشهّد الأخير ما يأتي للمصنّف في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعيّ، بلفظ: "إذا فرغ أحدكم من التشهّد الأخير، فليتعوذ باللَّه من أربع. . . " فذكره، ويُعيّنه أيضًا ما أخرجه أحمد في "مسنده" (١)، وصححه ابن خزيمة -واللفظ له- من رواية ابن جُريج، أخبرني عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، أنه كان يقول بعد التشهد كلماتٍ، يعظّمهنّ جدًّا، قلت: في المثنى كليهما؟، قال: بل في المثنّى الأخير بعد التشهّد،، قلت: ما هو؟، قال: "أعوذ باللَّه من عذاب القبر، وأعوذ باللَّه من عذاب جهنّم، وأعوذ باللَّه من شرّ المسيح الدّجّال، وأعوذ باللَّه من عذاب القبر، وأعوذ باللَّه من فتنة المحيا والممات"، قال: كان يعظّمهنّ.

قال ابن جريج: أخبرنيه عن أبيه، عن عائشة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ففي هذا تعيين هذه أن محلّ هذه الاستعاذة بعد الفراغ من التشهّد الأخير، فيكون سابقًا على غيره من الأدعية، وما ورد الإذن فيه أن المصلي يتخيّر من الدعاء ما شاء يكون بعد هذه الاستعاذة، وقبل السلام (٢).

(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) تقدّم شرحه في الحديث الماضي (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أي الحياة والموت، ويَحْتَمِل زمان ذلك؛ لأن كلّ ما كان معلَّ العين من الثلاثيّ، فقد يأتي منه المصدر، والزمان، والمكان بلفظ واحد، ويريد بذلك مِحْنة الدنيا وما بعدها، ويَحْتَمِل أن يُريد بذلك حالة الاحتضار، وحالة المسألة في القبر، فكأنه لَمّا استعاذ من فتنة هذين المقامين سأل التثبيت


(١) راجع: "المسند" ٦/ ٢٥٠.
(٢) راجع: "الفتح" ٢/ ٣٧١.