-بتشديد الدّال- أي أخبر عن ماضي الأحوال لتمهيد عذره في التقصير (فَكَذَبَ) بفتح الذال المخفّفة، قال الفيّومي: كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِبًا، بفتح، فكسر، ويجوز التخفيف بكسر الكاف، وسكون الذال، فالكذِبُ هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواءٌ فيه العمد والخطأُ، ولا واسطة بين الصدق والكذب على مذهب أهل السنّة، والإثم يَتْبَعُ العمد. انتهى (١).
والمعنى هنا: أنه يُحدّث ربّ الدين إذا تقاضاه، ولم يُحْضِر ما يُؤدِّي به دينه، فيكذب عليه؛ ليتخلص من يده، ويقول له: لي مال غائبٌ إذا حضر أُؤدِّي دينك منه، وليس له مالٌ، وإنما يريد التخلّص منه.
(وَوَعَدَ) أي في المستقبل بأن يقول: أعطيك غدًا، أو في المدّة الفلانية (فَأَخْلَفَ") في وعده.
وبما تقرّر عُلم أن "غرم" فعل شرط، و"حدّث" جزاؤه، و"كذب" عطف على الجزاء مرقب عليه، و"وعد" عطف على "حدّث"، لا على "غَرِم"، و"أخلف" مرتب عليه.
وحاصل الجواب أن الدَّين يُؤدِّي إلى خلل بالدِّين، فلذلك وقعت العناية بالمسألة.
واستُشكل دعاؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- بما ذُكِر مع أنه معصومٌ مغفورٌ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
وأجيب بأجوبة:
(أحدها): أنه قَصَد التعليم لأمته.
(ثانيها): أن المراد السؤال منه لأمته، فيكون المعنى هنا: أعوذ بك لأمتي.
(ثالثها): سلوك طريق التواضع، وإظهار العبوديّة، ولزوم خوف اللَّه، وإعظامه، والافتقار إليه، وامتثال أمره في الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقُّق الإجابة؛ لأن ذلك يُحصّل الحسنات، ويَرْفَع الدرجات، وفيه تحريض