للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ما من أحد يَدَّانُ دَيْنًا، فعلم اللَّه أنه يريد قضاءه، إلا أداه اللَّه عنه في الدنيا" (١).

ولفظ ابن ماجه: كانت تَدّان دَينًا، فقال لها بعض أهلها: لا تفعلي، وأنكر ذلك عليها، قالت: بلى، إني سمعت نبيي وخليلي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ما من مسلم يَدّان دينًا يعلم اللَّه منه أنه يريد أداءه، إلا أداه اللَّه عنه في الدنيا".

فتبيّن بهذا أن الدين ليس مذمومًا إلا إذا ساءت نيّة الإنسان، فعند ذلك يُذمّ، ويكون ذنبًا يعاقبه اللَّه تعالى عليه، فليُتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: أخرج الحاكم في "مستدركه" (٢/ ٢٤)، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدين راية اللَّه في الأرض، فإذا أراد أن يُذِلّ عبدًا وضعها في عنقه"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. انتهى.

وهذا من تساهلاته، فقد تعقّبه الحافظ الذهبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، بأن في سنده بشر بن عبيد الدارسيّ، وهو وَاهٍ، وقال الشيخ الألبانيّ: إنه موضوع (٢).

(قَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها- (فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ) هي عائشة -رضي اللَّه عنها-، كما بينته رواية النسائيّ من طريق معمر، عن الزهريّ، ولفظها: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكثر ما يتعوّذ من الْمَغْرَم والْمَأْثَم، قلت: يا رسول اللَّه، ما أكثر ما تتعَوَّذ من المغرم؟، قال: "إنه مَن غَرِمَ حَدّث، فكَذَب، ووَعَد فأخلَفَ".

(مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) "ما" الأولى تعجبية، و"أَكْثَرَ" -بفتح الراء- فِعْلُ تعجب، و"ما" الثانية مصدريّة، والمصدر المؤوّل منصوب على أنه مفعولُ فِعْلِ التعجّب، كأن هذا القائل رأى أن الدين إنما يتعلق بضيق الحال، ومثله لا يَحْتَرِز عنه أصحاب الكمال، قاله السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- جوابًا عن هذا السوال ("إِنَّ الرَّجُلَ) المراد الجنس، وغالب حاله، ومثله المرأة (إِذَا غَرِمَ) -بكسر الراء- من باب تَعِبَ: أي لزمه دين، والمراد استدان، واتَّخَذَ ذلك دأبه وعادته، كما يدلّ عليه السياق (حَدَّثَ)


(١) صححه الشيخ الألبانيّ دون قوله "في الدنيا"، وهو كذلك لأنه يشهد له ما تقدّم من "صحيح البخاريّ".
(٢) راجع: "السلسلة الضعيفة" ١/ ٦٨٦.