وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأمر طاوس ابنه بإعادته لَمّا لم يتعوّذ من تلك الأمور دليلٌ على أنه كان يعتقد وجوب التعوّذ منها في الصلاة، وكأنه تمسّك بظاهر الأمر بالتعوّذ منها، وتأكّد ذلك بتعليم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إياها الناس كما يُعلِّمهم السورة من القرآن، وبدوام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ذلك.
قال: ويَحْتَمِل أن ذلك إنما أمره بالإعادة تغليظًا عليه، لئلا يتهاون بتلك الدعوات، فيتركها، فيُحرم فائدتها وثوابها. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الاحتمال الأول هو الصحيح؛ لوضوح أدلّته، كما بيّنه القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- نفسه.
والحاصل أن أدلّة القول بوجوب الاستعاذة من هذه الأربع ظاهرة، فتأمّله بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٥/ ١٣٣٦](٥٩٠)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد"(٦٩٤)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١٥٤٢)، و (الترمذيّ) في "الدعوات"(٣٤٩٤)، و (النسائيّ) في "الجنائز"(٤/ ١٠٤)، و"الاستعاذة"(٨/ ٢٦٧ - ٢٧٧)، و (ابن ماجه) في "الدعاء"(٣٨٤٠)، و (مالك) في "الموطّأ"(١/ ٢١٥)، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٢٤٢ و ٢٥٨ و ٢٩٨ و ٣١١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٩٩٩)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(١٢١٥٩)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٣٠٨)، و (البغويّ) في "شرح السنّة"(١٣٦٤)، واللَّه تعالى أعلم.
وفوائد الحديث تقدّمت قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.