للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صغيرًا حين كتب عن الأوزاعيّ، وقال العُقيليّ: لا يُتابع على حديثه (١).

والحاصل أن روايته بلفظ: "قبل السلام" شاذّة غير محفوظة، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

قال الحافظ في "نتائج الأفكار": ورواية: "إذا أراد أن ينصرف" موافقة لهذه، ويمكن ردّ رواية: "إذا انصرف" إليها، لكن المعروف أن هذا الذكر بعد السلام، ويؤيّده حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- يعني الآتي بعد هذا، ثم قال: ويمكن الجمع بأنه كان يقول ذلك في الموضعين. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الجمع لا يُحتاج إليه (٢)؛ لما عرفت من أن الرواية بلفظ: "قبل السلام" غير محفوظة، فلا حاجة إلى الجمع المذكور.

والأحسن عندي أن يُفَسّر الانصراف هنا بالانصراف إلى جهة الحاجة، لا بالانصراف الذي هو السلام، بدليل حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- الآتي، فيكون معنى: "إذا أراد أن ينصرف" أي إذا أراد القيام إلى حاجته بعد السلام، فيتفق مع حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، فتأمله بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): بيان استحباب الاستغفار ثلاث مرّات بعد التسليم من الصلاة.

٢ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من التواضع وإظهار العبودية للَّه تعالى، فيستغفر ربه، وإن كان قد غُفِر له ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر.

٣ - (ومنها): بيان أن العبد لا ينبغي له الاتّكال على الطاعة، بل يعتقد فيها النقص، وعدم أدائه حقّ اللَّه فيها، فيَجْبُر ذلك بالاستغفار، فالاستغفار ليس من الذنوب والمعاصي فقط، بل الطاعة تحتاج إليه أيضًا، لما يقع فيها من


(١) راجع: "تهذيب التهذيب" ٣/ ٣٠٩.
(٢) كنت استحسنته في شرح النسائيّ، لكن الآن يظهر لي عدم استحسانه، بل وجه الجمع هو ما ذكرته أخيرًا، فتنبّه.