للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في رواية عليّ بن سعيد: أذهب إلى حديث ثلاث وثلاثين، وظاهر هذا تفضيل هذا النوع على غيره، ولذلك قال إسحاق: الأفضل أن يُسبّح ثلاثًا وثلاثين، ويَحمَد ثلاثًا وثلاثين، ويُكبّر ثلاثًا وثلاثين، ويَختِم المائة بالتهليل، قال: وهو في دبر صلاة الفجر آكد من سائر الصلوات؛ لما ورد من فضيلة الذكر بعد الفجر إلى طلوع الشمس، نَقَل ذلك عنه حرب الكرمانيّ.

وهل الأفضل أن يَجمع بين التسبيح والتحميد والتكبير في كلّ مرّة، فيقولهنّ ثلاثًا وثلاثين مرّة، ثم يَختم بالتهليل؟ أم الأفضل أن يُفرد التسبيح والتحميد والتكبير على حِدَةٍ؟ قال أحمد في رواية محمد بن ماهان، وسأله: هل يَجمع بينهما أو يُفرد؟ قال: لا يُضيَّق، قال أبو يعلى: وظاهر هذا أنه مخيَّرٌ بين الإفراد والجمع، وقال أحمد في رواية أبي داود: يقول هكذا: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، ولا يقطعه، وهذا ترجيح منه للجمع كما قاله أبو صالح، لكن ذكر التهليل فيه غرابة.

وقد روى عبد الرزّاق، عن معمر، عن قتادة مرسلًا أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمرهم أن يقولوا دبر كلّ صلاة: لا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه عشرًا.

وقال إسحاق: الأفضل أن يُفرد كلّ واحد منها، وهو اختيار القاضي أبي يعلى من أصحابنا، قال: وهو ظاهر الأحاديث لوجهين:

أحدهما: أنه قال: يُسبّحون، ويحمدون، ويكبّرون، والواو قد قيل: إنها للترتيب، فإن لم تقتض وجوبه أفادت استحبابه.

والثاني: أن هذا مثل نقل الصحابة -رضي اللَّه عنهم- لوضوء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه تمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ولا خلاف في المراد أنه غسل كلّ عُضو من ذلك بانفراده ثلاثًا ثلاثًا قبل شروعه في الذي بعده، ولم يَغسِل المجموع مرّة، ثم أعاد مرّةً ثانيةً وثالثةً.

قال ابن رجب: هذا على رواية من رَوَى التسبيح ثلاثًا وثلاثين، والتحميد ثلاثًا وثلاثين، والتكبير ثلاثًا وثلاثين ظاهرٌ، وأما من روى يسبحون، ويحمدون، ويكبّرون ثلاثًا وثلاثين، فمحتملةٌ، ولذلك وقع الاختلاف في فهم