للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإن أَتَى المسجد، وقد صَلَّوا، فأتم الصلاة كان كذلك" (١).

(فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا) قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الفاء جواب شرط محذوف، أي إذا بَيَّنتُ لكم ما هو أولى بكم، فما أدركتم فصلوا.

ويَحْتَمِل أن يكون التقدير: إذا فعلتم الذي أمرتكم به من السكينة، وترك الإسراع، فما أدركتم فصلُّوا.

(وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) أي أكملوا، قال في "الفتح": هذا هو الصحيح في رواية الزهريّ، ورواه عنه ابن عيينة بلفظ: "فاقضُوا"، وحكم مسلم في كتابه "التمييز" عليه بالوهم في هذه اللفظة، مع أنه أخرج إسناده في "صحيحه"، لكن لم يَسُقْ لفظه، وكذا رَوَى أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، فقال: "فاقضوا"، وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بلفظ: "فأتموا" (٢).

واختُلِف أيضًا في حديث أبي قتادة، فرواية الجمهور: "فأتموا"، ووقع لمعاوية بن هشام، عن سفيان: "فاقضوا"، كذا ذكره ابن أبي شيبة، عنه، وأخرج مسلم إسناده في "صحيحه" عن ابن أبي شيبة، فلم يسق لفظه أيضًا (٣).

ورَوَى أبو داود مثله عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال: ووقعت في رواية أبي رافع، عن أبي هريرة، واختُلِف في حديث أبي ذرّ. قال، وكذا قال ابن سيرين، عن أبي هريرة: "ولْيَقْضِ ورواية ابن سيرين عند مسلم بلفظ: "صَلّ ما أدركتَ، واقْضِ ما سَبَقَك" (٤).

والحاصل أن أكثر الروايات وَرَد بلفظ: "فَأَتِمُّوا وأقلها بلفظ: "فاقْضُوا"، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جَعَلنا بين الإتمام والقضاء مغايرةً، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدًا، واختُلِف في لفظة منه، وأمكن رَدُّ الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى، وهنا كذلك؛ لأن القضاء، وإن كان يُطْلَق على الفائت غالبًا، لكنه يُطْلَق على الأداء أيضًا، ويَرِدُ بمعنى الفراغ، كقوله تعالى:


(١) "الفتح" ٢/ ١٤٠.
(٢) هو الحديث الثالث هنا.
(٣) هو الآتي آخر الباب.
(٤) هو الحديث الرابع في هذا الباب.