القرطبيّ: السكينة والوقار اسمان لمسمى واحد؛ لأن السكينة من السكون، والوقار من الاستقرار والتثاقل، وهما بمعنى واحد.
وأنكر الحافظ العراقيّ قوله: إن الوقار من الاستقرار؛ لأن الوقار معتل الفاء، وهذا واضح، وقال في "الصحاح": الوقار: الحلم والرزانة.
وقال النوويّ: الظاهر أن بينهما فَرْقًا، وأن السكينة في الحركات، واجتناب العَبَث، ونحو ذلك، والوقار في الهيئة، وغضّ البصر، وخفض الصوت، والإقبال على طريقه من غير التفات، ونحو ذلك. انتهى (١).
[تنبيه]: الحكمة في هذا الأمر تُستَفَاد من زيادة وقعت للمصنّف من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة في الرواية التالية فإنه قال في آخرها:"فإن أحدكم إذا كان يَعْمِد إلى الصلاة، فهو في صلاة"، أي أنه في حكم المصلي، فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلّي اعتماده، واجتناب ما ينبغي للمصلّي اجتنابه، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: زاد في رواية البخاريّ هنا: "ولا تُسرعوا"، قال في "الفتح": قوله: "ولا تُسرِعوا" فيه زيادة تأكيد، ويُستفاد منه الردّ على من أَوَّل قوله في حديث أبي قتادة:"لا تفعلوا" أي الاستعجال المفضي إلى عدم الوقار، وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار، كمن خاف فوت التكبيرة فلا، وهذا مَحْكِيّ عن إسحاق ابن راهويه، وقد تقدمت رواية العلاء التي فيها:"فهو في صلاة"، قال النوويّ: نَبّه بذلك على أنه لو لم يدرك من الصلاة شيئًا لكان محصلًا لمقصوده؛ لكونه في صلاة، وعدم الإسراع أيضًا يستلزم كثرة الخطا، وهو معنًى مقصودٌ لذاته، وَرَدت فيه أحاديث، كحديث جابر -رضي اللَّه عنه- عند مسلم:"أن بكل خطوة درجة"، ولأبي داود من طريق سعيد بن المسيِّب، عن رجل من الأنصار، مرفوعًا: "إذا توضأ أحدكم، فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لم يرفع قدمه اليمني إلا كتب اللَّه له حسنةً، ولم يضع قدمه اليسرى، إلا حطَّ اللَّه عنه سيئةً، فإن أتى المسجد، فصلى في جماعة غُفِر له، فإن أتى وقد صَلَّوا بعضًا، وبقي بعض، فصلى ما أدرك، وأتَمَّ ما بقي، كان كذلك،