للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} الآية [المائدة: ٦]، وقد ذكرنا أن التيمّم يجوز عند عدم الماء في السفر والحضر، وكذلك قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الآية [الأحزاب: ٥]، ويجوز أن ندعوهم إخوانًا وموالي وإن عُلم آباؤهم، فقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- لزيد: "أنت أخونا ومولانا" (١)، مع علمه بأبيه. انتهى (٢).

(وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ) كذا في رواية البخاري عند غير أبي ذر، وضبطها القرطبيّ في "المفهم" بالنصب على الإغراء، وضبطها النوويّ بالرفع على أنها جملة في موضع الحال.

ووقع في رواية أبي ذَرّ للبخاريّ: "وعليكم بالسكينة" بزيادة الباء.

قال في "الفتح": واستَشْكَل بعضهم دخول الباء، قال: لأنه متعدٍّ بنفسه، كقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: ١٠٥] وفيه نظر؛ لثبوت زيادة الباء في الأحاديث الصحيحة، كحديث: "عليكم برخصة اللَّه"، وحديث: "فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"، وحديث: "فعليك بالمرأة"، قاله لأبي طلحة في قصّة صفية، وحديث: "عليك بعيبتك"، قالته عائشة لعمر، وحديث: "عليكم بقيام الليل"، وحديث: "عليك بخويصة نفسك"، وغير ذلك.

ثم إن الذي عَلَّل به هذا المعترض غير مُوَفٍّ بمقصوده؛ إذ لا يلزم من كونه يجوز أن يتعدى بنفسه امتناع تعديه بالباء، وإذا ثبت ذلك فيدلّ على أن فيه لغتين، واللَّه تعالى أعلم. انتهى ما في "الفتح" (٣).

وقد اعترض العينيّ على كلام صاحب "الفتح" الأخير بما فيه تَعَنُّتٌ، وقد رددت على اعتراضه فيما كتبته على النسائيّ، فراجعه تستفد (٤).

قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والسكينة: هي الوقار، كما فسره أئمة اللغة، لكن في بعض طرقه في "صحيح البخاريّ": "وعليكم السكينة والوقار"، فقال القاضي عياض في "المشارق": كَرَّر فيه الوقار للتأكيد، وكذا قال أبو العباس


(١) أخرجه البخاريّ في "صحيحه" برقم (٢٦٩٩).
(٢) "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ٣٩١ - ٣٩٢.
(٣) ٢/ ١٣٩.
(٤) راجع: "ذخيرة العقبى" ١٠/ ٣٥٤.