للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعمر: "حتى تروني قد خرجتُ"، وقال أبو داود: لم يذكر "قد خرجت" إلا معمرٌ، وذكر البيهقيّ أنها قد رُويت عن حجّاج أيضًا، وخرّجها ابن حبّان في "صحيحه" من رواية معمر، ولفظه: "حتى تروني قد خرجت إليكم". انتهى (١).

(عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) أي إذا ذكرت ألفاظ الإقامة، ونودي بها (فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي") أي تُبصروني، وفي الرواية التالية: "حتى تروني قد خرجت"، وفي رواية ابن حبان من طريق عبد الرزاق: "حتى تروني خرجت إليكم"؛ ولا بد فيه من التقدير، أي لا تقوموا حتى تروني خرجت، فإذا رأيتموني خرجت فقوموا، قاله في "العمدة" (٢).

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذه اللفظة -يعني "قد خرجتُ"- يُستدلّ بها على مراده -صلى اللَّه عليه وسلم- برؤيته أن يَخرُج من بيته، فيراه من كان عند باب المسجد، ليس المراد يراه كلُّ من كان في المسجد، وهذا كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تصوموا حتى تروا الهلال"، متّفق عليه، ومعلوم أنه لو رآه واحد أو اثنان لاكتُفي برؤيتهما، وصام الناس كلُّهم.

ويدلّ على هذا ما أخرجه مسلم بعد هذا من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: "أقيمت الصلاة، فقمنا، فعدّلنا الصفوف قبل أن يخرُج إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . " الحديث.

ويُحمَل ذلك على قيامهم قبل أن يطلع على أهل المسجد من المسجد لما علموا خروجه من بيته وتحقّقوه.

وأخرج أيضًا من حديثه: "إن كانت الصلاة تقام لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيأخذ الناس مصافّهم قبل أن يقوم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مقامه".

فهذه الرواية تصرّح بأن الصفوف كانت تُعدَّل له قبل أن يبلغ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى مصلّاه، ولكنّه كان قد خرج من بيته، ورآه من كان بقرب بيته.

وقد ذكر الدارقطنيّ وغير واحد من الحفّاظ أن هذا الحديث اختصره الوليد بن مسلم من الحديث الذي قبله، فأتى به بهذا اللفظ.


(١) "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ٤١٣.
(٢) "عمدة القاري" ٥/ ١٥٣.