قال في "الفتح": ويَشْهَد له ما رواه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن ابن شهاب:"أن الناس كانوا ساعةَ يقول المؤذن: اللَّه أكبر، يقومون إلى الصلاة، فلا يأتي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مقامه حتى تعتدل الصفوف".
وأما حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي:"أقيمت الصلاة، فقمنا، فعَدّلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتى، فقام مقامه" الحديث، وفي رواية أبي داود:"إن الصلاة كانت تقام لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يجيء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-".
فيُجْمَع بينه وبين حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- هذا بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز، وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- كان سبب النهي عن ذلك في حديث أبي قتادة، وأنهم كانوا يقومون ساعةَ تقام الصلاة، ولو لم يخرج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنهاهم عن ذلك؛ لاحتمال أن يقع له شغل يبطئ فيه عن الخروج، فيشق عليهم انتظاره.
ولا يَرُدُّ هذا حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: أنه قام في مقامه طويلًا في حاجة بعض القوم؛ لاحتمال أن يكون ذلك وقع منه نادرًا، أو فعله لبيان الجواز. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- هذا مُتَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٩/ ١٣٦٨ و ١٣٦٩](٦٠٤)، و (البخاريّ) في "الأذان"(٦٣٧ و ٦٣٨)، و"الجمعة"(٩٠٩)، و (أبو داود) في "الصلاة"(٥٣٩ و ٥٤٠)، و (الترمذيّ) فيها (٥٩٢)، و (النسائيّ) في "الأذان"(٦٨٦)، و"الكبرى"(٧٩٠ و ٨٦٥ و ١٦٥١)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٤٢٧)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١/ ٤٠٥)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٣٠٥ و ٣٠٧ و ٣٠٨ و ٣٠٩)،