وطُهر الحائض، وإسلام الكافر، ونحوها، وأراد بذلك نُصْرة مذهبه في أن من أدرك من الصبح ركعة تفسد صلاته؛ لأنه لا يكملها إلا في وقت الكراهة، وهو مبني على أن الكراهة تتناول الفرض والنفل، وهي خلافية مشهورة.
قال الترمذيّ: وبهذا يقول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وخالف أبو حنيفة، فقال: من طلعت عليه الشمس، وهو في صلاة الصبح بطلت صلاته، واحتَجّ لذلك بالأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس.
وادَّعَى بعضهم أن أحاديث النهي ناسخة لهذا الحديث، وهي دعوى تحتاج إلى دليل، فإنه لا يصار إلى النسخ بالاحتمال، والجمع بين الحديثين ممكن بأن تُحْمَل أحاديث النهي على ما لا سبب له من النوافل، ولا شك أن التخصيص أولى من ادِّعاء النسخ.
ومفهوم الحديث أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركًا للوقت، وللفقهاء في ذلك تفاصيل بين أصحاب الأعذار وغيرهم، وبين مدرك الجماعة ومدرك الوقت، وكذا مدرك الجمعة، ومقدارُ هذه الركعة قدر ما يكبِّر للإحرام، ويقرأ أم القرآن، ويركع ويرفع، ويسجد سجدتين بشروط كل ذلك.
وقال الرافعيّ: المعتبر فيها أخف ما يَقْدِر عليه أحدٌ، وهذا في حق غير أصحاب الأعذار، أما أصحاب الأعذار كمن أفاق من إغماء، أو طهرت من حيض، أو غير ذلك، فإن بقي من الوقت هذا القدر، كانت الصلاة في حقهم أداءً، وقد قال قوم: يكون ما أدرك في الوقت أداءً، وبعده قضاءً، وقيل: يكون كذلك لكنه يلتحق بالأداء حكمًا، والمختار أن الكل أداء، وذلك من فضل اللَّه تعالى، ونقل بعضهم الاتفاق على أنه لا يجوز لمن ليس له عذر تأخير الصلاة حتى لا يبقى منها إلا هذا القدر، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).
وقال في "الفتح" أيضًا: مفهوم التقييد بالركعة أن من أدرك دون الركعة لا يكون مدركًا لها، وهو الذي استقر عليه الاتفاق، وكان فيه شذوذ قديم، منها أن إدراك الإمام راكعًا يجزئ، ولو لم يدرك معه الركوع، وقيل: يدرك الركعة ولو رفع الإمام رأسه ما لم يرفع بقية من ائتم به رؤوسهم، ولو بقي واحد،