للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): ذكر الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح البخاريّ" في هذا الحديث بحثًا نفيسًا، ودونك عبارته:

روى بعضهم هذا الحديث عن مالك، وقال فيه: "من أدرك ركعةً من العصر"، وهو وَهَمٌ على مالك، وإنما حديث مالك: "من أدرك ركعةً من الصلاة".

وخرّجه مسلم (١) عن عبد بن حُميد، ثنا عبد الرزّاق، قال: ثنا معمرٌ، عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل حديث مالك، عن زيد بن أسلم -يعني الحديث الآتي بعد حديثين-.

وذكر الدارقطنيّ في "العلل" أنه ليس بمحفوظ عنه -يعني عن معمر- وذكر أن عبد الرزّاق رواه بخلاف ذلك، قال: ورُوي أيضًا عن محمد بن أبي حفصة، وسفيان بن حسين، عن الزهريّ -يعني بذكر العصر والفجر-، والمحفوظ عن الزهريّ في حديثه: "من أدرك ركعةً من الصلاة".

وقد اختُلف في معنى ذلك، فقالت طائفةٌ: معناه: إدراك وقت الصلاة، كما في حديث عطاء بن يسار، وبُسْر بن سعيد، والأعرج، عن أبي هريرة الآتي بعد حديثين.

وقد رَوَى هذا الحديث المذكور هنا عمّار بن مطر، عن مالك، وقال فيه: "فقد أدرك الصلاة ووقتها"، قال ابن عبد البرّ: لم يقله عن مالك غير عمّار، وهو مجهول لا يُحتجّ به (٢).

وقالت طائفةٌ: معناه: إدراك الجماعة، ويشهد له الحديث التالي عند مسلم بلفظ: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام، فقد أدرك الصلاة".

وهؤلاء لهم في تفسير إدراك الجماعة قولان:

أحدهما: أن المراد إدراك فضل الجماعة وتضعيفها.

وروى نوح بن أبي مريم هذا الحديث، عن الزهريّ، عن سعيد، عن أبي


(١) هو الحديث الآتي في هذا الباب بعد أربعة أحاديث.
(٢) "التمهيد" ٧/ ٦٤.